فلبينو لبي Eilippino Lippi لينقشها. وأطلق العنان لخيلائه بأن شيّد من تصميم وضعه برنارو رسلينو، كنيسة كبرى وقصر بكولوميني في بلدته كرسنيانو Corsignano التي سمّاها بيندسا Pienza باسمه. وكان يفخر بكرم محتده فخر الفقراء العريقي النسب، وأفرط في ولائه لأصدقائه وأقاربه إفراطاً أضر بمصالح الكنيسة، فقد أصبحت الفاتيكان في أيامه خلية بكولومينية.
وكانت مدة بابويته تزدان بعالمين من جلة العلماء، أحدهما فلافيو بيندو Flavio Biondo الذي كان أميناً للبابوية من أيام نقولاس الخامس، والذي كان رمزاً للنهضة المسيحية. وكان فلافيو مولعاً بالآثار القديمة، أنفق نصف حياته في كتابة تاريخها ووصف بقاياها؛ ولكنه كان طوال الوقت مسيحياً تقياً، صادق الإيمان، لا ينقطع عن أداء الشعائر الدينية. وكان بيوس يعرف له قدره ويتخذه مرشداً له وصديقاً، ويفيد من مرافقته في زيارة الآثار الرومانية. ذلك أن بيندو كان قد كتب موسوعة من ثلاثة أجزاء أسماها روما العالمة، روما الظافرة، وإيطاليا الباهرة، سجّل فيها تخطيط إيطالي القديمة، وتاريخها، وأنظمتها، وشرائعها، ودينها، وعاداتها، وفنونها. وأعظم من هذه الموسوعة على عظمتها كتابه المسمى تاريخ انحطاط الرومان وهو سبيه بكتاب "اضمحلال الدولة الرومانية وسقوطها"، وإن كان أكبر منه حجماً، وهو يصف أحوالها من ٤٧٦ حتى ١٢٥٠، أي في أولى الفترات العصيبة من العصور الوسطى. ولم يكن بيندو صاحب أسلوب أدبي رفيع، ولكنه كان مؤرخاً يفرق بين الغث والثمين، وكانت مؤلفاته هي التي قضت على الأقاصيص الخرافية التي كانت تحتفظ بها المدن الإيطالية وتعزو بها نشأتها إلى أصول طروادية أو غير طروادية. وكان العمل الذي أخذ على عاتقه القيام به أعظم من أن تتسع له سنو بيندو الخمس والسبعون؛ ولهذا لم يتمه حين توفى في عام ١٤٦٣؛ ولكنه ضرب