التبعة؛ ويلوح أنهم لم يعبأوا قط بما كان له من أبناء كثيرين (إذا استثنينا منهم بيوس الثاني في وقت من الأوقات)(٩). وكان كل الذي عنوا بملاحظته في عام ١٤٩٢ هو إنه قد عيّن مرتين نائباً لرئيس المحكمة البابوية العليا، وأنه قضى في ذلك المنصب خمساً وثلاثين، وأن خمسة من البابوات المتعاقبين عينوه وأعادوا تعيينه فيه؛ وأنه قام بمهامه بجد وحزم ملحوظين، وأن فخامة قصره في الظاهر تخفي وراءها حياة خاصة بسيطة إلى حد عجيب. وقد وصفه ياقوبو دا فلتيرا في عام ١٤٨٦ بأنه:"رجل ذو ذكاء يمكّنه من عمل أي شيء يريد، وذو عقل كبير؛ وهو خطيب سريع البديهة، فطن بطبيعته، حاذق حذقاً عجيباً في تصريف الأمور"(١٠). وكان أهل روما يحبونه، لأنه متّعهم بالألعاب؛ ولمّا أن بلغته أنباء سقوط غرناطة في أيدي المسيحيين متّعهم بمصارعة الثيران على الطراز الأسباني.
ولعل الكرادلة الذين اجتمعوا في المجمع المقدس قد تأثروا أيضاً بثروته لأن المناصب الإدارية التي تولاها في خلال حكم خمسة من البابوات قد جعلته أغنى الكرادلة الذين شهدتهم روما إذا استثنينا دستوتفيل من هذا التعميم وكانوا يعتمدون عليه فيما سيمنحه من الهدايا القيّمة لمن يعطونه أصواتهم في الانتخاب، ولم يخيب هو رجاءهم فيما أمّلوه. فقد وعد الكردنال أسفوردسا بأن يعينه نائباً عنه في المحكمة البابوية العليا، كما وعده بعدة مناصب تدر عليه إيراداً كبيراً، وبقصر آل بورجيا في روما. أما الكردنال أرسيني فقد وعده بأسقفية قرطاجنة الأسبانية وإيراد كنائسها، وببلدتي منتيتشيلي وسريانو، وبأن يتولى حكم أقاليم الحدود. ووعد الكردنال سافيلي Savelli بتشيفيتا كستيلانا Civita Castellana وأسقفية مايورقة، وما إلى ذلك. وقد وصف إنفيسورا هذه الأعمال بأنها:"توزيع إنجيلي لبضائعه على الفقراء"- (١١). على أنها لم تكن من الأعمال الغير مألوفة، فقد كان يستخدمها كل مرشح للبابوية، في كثير من المجاميع المقدسة الماضية، كما يستخدمها كل مرشح للمناصب