للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما من شك في أنه قد أعد بنفسه لهذا العمل بالقراءة السريعة، وبالانغماس في كتابات أفلاطون وديوجين ليرتيوس، ومارسيلو فنتشينو Marsilio Ficino، وبالحديث القليل ذي الخطر مع العلماء، وذلك لكي يسمو في ذلك الوقت إلى فكرته العليا فيصور مدرسة أثينة - المشتملة على نحو خمسين صورة لخص فيها قروناً غنية بالتفكير اليوناني، جمعها كلها في لحظة خالدة تحت عقد ذي لوحات غابرة في رواق معمد وثني ضخم. وهناك على الجدار وفي مواجهة صورة تأليه الفلسفة مباشرة التي تحتويها صورة الجدل نرى تمجيد الفلسفة: نجد أفلاطون ذا الجبهة الشبيهة بجهد الإله جوبتر، والعينين الغائرتين، وشعر الرأس واللحية الأبيض الطويل المرسل، يرفع إصبعه إلى أعلى مشيراً بها إلى مكانته الكاملة؛ ونرى أرسطو يسير هادئاً ساكناً بجواره وهو أصغر منه بثلاثين عاماً، وسيماً مبتهجاً، يمد يده وراحتها إلى أسفل، كأنه يريد أن ينزل بمثالية أستاذه العليا فيرجعها إلى الأرض وإلى حدود الممكنات؛ وترى سقراط يعد نقط نقاشه على أصابعه، وألقبيادس المسلح يصغي إليه وهو بادي الحب؛ وفيثاغورس يحاول أن يحصر في جداول مؤتلفة متوافقة موسيقى الأكوان، وسيدة حسناء قد تكون أسبازيا؛ وهرقليطس يكتب ألغازاً إفيزيه Ephesian وديوجين وقد رقد عارياً في غير مبالاة على الدرج الرخامية؛ وأرخميدس يرسم أشكالاً هندسية على لوح من الاردواز ليعلم أربعة غلمان مكبين على الدرس؛ وبطليموس الفلكي وزرداشت يتبادلان كرات سماوية؛ وغلاماً إلى اليسار يهرول في اهتمام شديد متأبطاً كتباً، وهو بلا شك يبحث عمن يكتب له ذكرياته، وصبياً مجداً جالساً في أحد الأركان يدون مذكرات، وترى إلى اليسار فيدريجو مانتو ابن إزبلا، ومدلل يوليوس، يطل بنصف عين؛ وترى كذلك برامنتي مرة أخرى؛ ثم نرى رفائيل نفسه متواضعاً مختفياً لا يكاد يرى، وقد طر الآن شاربه. وهناك غير هؤلاء كثيرون