العضلات .... وكان في بعض فصول السنة يظل محتذياً هذين الحذاءين زمناً بلغ من طوله أنه إذا خلعهما انسلخ جلده مع جلد الحذاء" (٦٢). ويقول فاساري في هذا: "إنه لم يكن يرغب في أن يخلع ثيابه، لا لسبب إلاّ لأنه لا يريد أن يضطر إلى لبسها مرة أخرى" (٦٣).
وكان يفخر بكرم محتده المزعوم، ولكنه كان يفضل الفقراء على الأغنياء، والسذج على ذوي العقول الراجحة، وكدح العامل على ما يتيحه الثراء من فراغ وترف. وكان يخرج عن معظم مكسبه ليعول أقاربه العاجزين؛ وكان يحب العزلة، لا يطيق أن يتحدث بضع كلمات إلى ذوي العقول الخاملة؛ وكان أينما وجد يتابع أفكاره الخاصة. وكان قليل العناية بالنساء الحسان، واقتصد الكثير من المال بالتزام العفة … ولمّا أن أظهر أحد القساوسة أسفه لأن ميكل أنجيلو لم يتزوج ولم ينجب أبناء رد عليه ميكل أنجيلو بقوله: "إن الفن عندي أكثر من زوجة، وهو زوجة سببت لي ما يكفيني من المتاعب؛ أما أبنائي فهم الأعمال التي سأخلفها، وإذا لم تكن هذه الأعمال ذات قيمة كبيرة، فلا أقل من أنها ستبقى بعض الوقت" (٦٤) ولم يكن يطيق وجود النساء في بيته، وكان يفضل عليهن الذكور في رفقته وفي فنه على السواء. وقد رسم النساء ولكنه رسمهن دائماً وهن أمهات ناضجات، ولم يرسمهن وهن فتيات فاتنات ساحرات. ومن الغريب أنه هو وليوناردو كانا فيما يلوح لا يحسان بجمال المرأة الجثماني، مع أن معظم الفنانين كانوا يرونه منبع الجمال. بل الجمال نفسه مجسداً. وليس لدينا ما نستدل منه على أنه كان لائطاً، ويبدو أن كل ما كان لديه من نشاط يمكن أن ينصرف إلى الاتصال الجنسي، كان يستنفذه عمله. ولمّا كان في كرارا كان يقضي اليوم كله راكباً جواده، يصدر التعليمات إلى قاطعي الحجارة ومعبدي الطريق، ويقضي المساء في مسكنه يدرس