ووصال بمبونتسي التدريس في بدوا من ١٤٩٥ 'لى ١٥٠٩، ثم اجتاحت أعاصير الحرب المدينة وأغلقت قاعات جامعتها التاريخية. وفي عام ١٥١٢ نجده مستقرا في جامعة بولونيا حيث بقي إلى آخر أيام حياته، وتزوج ثلاث مرات، وظل على الدوام يحاضر عن أرسطو، ويشبه في تواضع جم علاقته بأستاذه بدودة تحاول ارتياد مجاهل فيل (٤٤). وكان يرى أن من الأسلم له ألا يعرض آراءه كأنه هو صاحبها، بل أن يعرضها على أنها متضمنة في آراء أرسطو كما شرحه أسكندر الأفروديسي. وكانت طريقته تبدو أحيانا مسرفة في التواضع؛ يظهر فيه الخضوع الشديد للسلطة الميتة. غير أنه لما كانت الكنيسة تدعى أن عقائدها هي نفسها عقائد أرسطو، متبعة في ذلك رأي أكوناس، فلعل بمبونتسي كان يشعر بأن الجهر بأية عقيدة خارجة على سلطان الكنيسة عقيدة أرسطوطالية بحق ستؤدي إلى غضب رجال الدين، إن لم تؤد به هو نفسه إلى الحرق حياً. ذلك أن مجلس لاتران الخامس الذي عقد برياسة ليو العاشر (١٥١٣) أدان كل من يقول إن النفس واحدة لا تتجزأ في جميع الناس، وغن النفس الفردية يحق عليها الفناء ونشر بمبونتسي بعد ثلاث سنين من ذلك الوقت أكبر كتبه المسمى في خلود النفس الذي حاول فيه أن يثبت أن هذا الرأي الذي رفضه المجلس هو رأى أرسطو بحذافيره، فأرسطو حسبما يرى بترو يقول إن العقل يعتمد على المائدة في كل خطوة من خطى تفكيره، وإن أكثر المعارف تجريداً تستقى في آخر الأمر من الحواس؛ وإن العقل لا يستطيع أن يؤثر في العالم إلا عن طريق الجسم؛ ولهذا فإن النفس المجردة عن الجسم، إذا بقيت بعد الإطار الفاني، لا تكون إلا طيفا لا حول له ولا عمل يقوم به. ويختم بمبونتسي حديثه بأن من واجبنا بوصفنا مسيحيين ومن أبناء الكنيسة المخلصين لها، أن نؤمن بخلود النفس الفردية؛ أما بوصفنا فلاسفة فليس هذا من واجبنا, ويبدو أنه لم يدر قط بخلد بمبونتسي أن دعواه لا تستقيم أمام دعوى