للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكنيسة التي كانت تقول ببعث الجسم والروح جميعاً؛ ولعله لم يكن يحمل هذه العقيدة على محمل الجد، ولم يكن يظن أن قراءة أنفسهم سيحملونها على هذا المحمل. ومبلغ علمنا أن أحداً لم يُثر رأيه هذا ضده.

وأثار الكتاب عاصفة من الاحتجاج، وأقنع الرهبان الفرنسيس دوج البندقية بأن يأمر بإحراق كل ما يمكن العثور عليه من نسخة علناً؛ ونفذ هذا الأمر فعلا. ثم قدمت الاحتجاجات إلى المحكمة البابوية، ولكن بمبو وببيبا كانت لهما مكانة سامية في مجالس ليو، وأكدا له أن النتائج التي يعرضها الكتاب سليمة ليس فيها ما يعارض الدين الصحيح، والحق أنها كانت كذلك. ولم يستطع المعارضون أن يسخروا ليو لما كانوا يريدون، وقد كان يعرف حق المعرفة تلك الحيلة الصغيرة حيلة الحقيقتين (١) التي يقول بها بمبونتسي بكتابة كلمة لطيفة يعلن بها خضوعه للكنيسة (٤٥). وأجابه بترو إلى ما طلب وأصدر كتاب الاعتذار (١٥١٨) الذي يؤكد فيه بوصفه مسيحيا بان يؤمن بكل تعاليم الكنيسة. ثم أمر ليو حوالي ذلك الوقت أجستينو بأن يرد على كتاب بمبونتسي؛ وإذا كان أجستينو مولعاً بالجدل، فقد قام بهذه المهمة بحذق وسرور. ومن عجب أنه بينا كان رأس بمبونتسي معلقاً في ميزان محكمة التفتيش، إذا صح التعبير، كانت ثلاث جامعات تتنافس للانتفاع بخدماته؛ ولعل في هذا التنافس دليلا على أن العداء بين الجامعات ورجال الدين كان لا يزال قائماً لم تنقطع أسبابه. فلما أن سمع رجال الحكم في بولونيا أن بيزا تسعى لإغرائه بالمجيء إليها، وكانت وقتئذ خاضعة رسميا للبابا، ولكنها مع ذلك أصمت أذنها عن سماع نداء الرهبان الفرنسيس الحانقين، أطالت بقاء بمبونتسي فيها ثماني سنين أخرى ورفعت مرتبه إلى ١٦٠٠ دوقة (٢٠. ٣٠٠٠؟ دولار) في العام (٤٦).


(١) أي أننا نستطيع أن نقبل الشيء الواحد بالاعتماد على إيماننا الديني وأن نرفضه معتمدين على عقائدنا الفلسفية. (المترجم).