وواصل بمبونتسي حملته التي يدعو فيها إلى التشكك في كتابين صغيرين لم ينشرهما في حياته. أرجع في أحدهما المسمى De incantione كثيراً من الظواهر الخارقة للطبيعة كما يزعم الناس إلى أسباب طبيعية. وكان سبب تأليفه أن طبيباً كتب إليه عن علاج شاف يقال إنه ثمرة رقى أو سحر، فأمره بيترو أن يشك في الأمر وكتب له يقول:"إن من السخف ومما يدعو إلى السخرية أن يحتقر الإنسان ما هو واضح وطبيعي لكي يلجأ إلى علة غير واضحة لا يؤكد صحتها أي احتمال موثوق به"(٤٧). وهو بوصفه مسيحيا يؤمن بالملائكة والأرواح، ولكنه بوصفه فيلسوفا يرفضها، ويقول إن جميع العلل في عالم الله طبيعية. وهو يتأثر بتدريبه الطبي فيسخر بالاعتقاد الشائع في المصادر السحرية الخفية الشافية من الأمراض ويقول إنه لو كان في مقدور الأرواح أن تشفي أمراض الأجسام لكانت هذه الأرواح مادية أو كانت تستخدم وسائل مادية كي تستطيع أن تؤثر في جسم مادي، ثم يمضي فيصور في سخرية الأرواح السافية تهرول غادية رائحة ومعها ما لديها من جبس، ومرهم، وحبوب (٤٨). على أنه يعتقد أن لبعض النباتات والحجارة قوة علاجية، ويصدق المعجزات الواردة في الكتاب المقدس، ولكنه يظن أنها كانت عمليات طبيعية، ويقول إن الكون تسيطر عليه قوانين ثابتة منسقة، وإن المعجزات ليست إلا مظاهر غير عادية لقوى طبيعية لا نعرف نحن إلا جزءاً من قدرتها ووسائلها، والناس يعزون إلى الأرواح أو إلى الله ما لا يستطيعون إدراكه بعقولهم (٤٩). ويصدق بمبونتسي كثيرا مما ورد في التنجيم دون أن يرى في ذلك ما يتعارض مع هذه النظرة، نظرة العلل الطبيعية للأشياء؛ وهو لا يقول إن حياة الآدميين خاضعة لتأثير الأجرام السماوية فحسب، بل يضيف إلى ذلك أن جميع الأنظمة البشرية، ومنها الأديان نفسها، تنشأ، وتزدهر، وتضمحل بفعل المؤثرات السماوية، ويصدق هذا أيضا في رأيه على المسيحية، ويقول إن ثمة في تلك الأيام