كما أن عواطف مدينة فيرارا تتضح من استهزاء أريستو بالجحيم الذي كان يبدو لدانتي من قبل رهيبا بحق. ويكاد نصف الأدب في العصور الوسطى يكون معارضا للكهنوت؛ وكان كثيرون من رؤساء العصابات المغامرة يجهرون بكفرهم (٥٩)، كما كان رجال الحاشية Cortigiani أقل تدينا من العاهرات Cortigiane، وكان التشكك في أدب وظرف سمة السيد المهذب، والصفة التي ينبغي له أن يتصف بها (٦٠). وكان بترارك يأسف لأن كثيرين من رجال العلم يرون أن تفضيل الدين المسيحي على الفلسفة الوثنية دليل على الجهل (٦١)؛ وتبين أن معظم أفراد الطبقة العليا في البندقية في عام ١٥٣٠ يهملون أداء الواجبات الدينية في عيد الفصح أي أنهم لا يذهبون للاعتراف وللعشاء الرباني ولو مرة واحدة في العام (٦٢). ويقول لوثر أنه وجد قولاً شائعاً بين الطبقات المتعلمة في إيطاليا حين يذهبون للقداس:"هيا بنا نرتكب الخطأ الذي يرتكبه العامة"(٦٣).
أما عن الجامعات فإن الحادثة الآتية العجيبة تكشف عن مزاج الأساتذة والطلبة: دُعى سيمونى بوردسيو Simone Porzio تلميذ بمبونتسي بعد وفاة أستاذه بقليل ليحاضر في بيزا، فأختار موضوعاً لمحاضراته كتاب المتيورولوجيا لأرسطو. ولكن المستمعين لم يعجبهم هذا الموضوع، وصاح بعضهم بعد أن نفذ صبرهم: "وماذا تقول في النفس؟ quid de anima". واضطر بوردسيو إلى أن يطرح كتغاب الميتوروجيا جانباً ويتناول كتاب النفس وسرعان ما كان المستمعون كلهم آذاناً صاغية (٦٤). ولسنا نعرف هل جهر بوردسيو في تلك المحاضرة باعتقاده أن النفس البشرية لا تختلف اختلافاً جوهرياً عن نفس أسد أو نبات؛ ولكننا نعرف أن هذا هو ما كان يدعو إليه في كتابه العقل البشري De mente humana (٦٥) ؛ ويبدو أنه لم يصب بأي أذى من جراء دعوته هذه. وروى يوجينيو طرالبا