رومة في أيام يوليوس الثاني. غير أن من الخطأ أن يظن المرء أن القساوسة كانوا في روما أكثر فساداً منهم في غيرها من المدن. ذلك أن لدينا من الوثائق ما يثبت بالدليل القاطع فساد أخلاق القسيسين في كل مدينة تقريباً من مدن شبه الجزيرة الإيطالية. بل إن الحال في كثير من الأماكن-كالبندقية مثلا- كانت أسوأ كثيراُ منها في روما. فلا عجب والحالة هذه إذا تضاءل نفوذ رجال الدين كما يشهد بذلك مع الأسف الشديد الكتاب المعاصرون، وإذا كان المرء لا يكاد يجد في كثير من الأماكن أي احترام يظهره الشعب للقسيسين. ذلك أن الفساد قد استشرى بينهم إلى حد بدأنا نسمع معه آراء تحبذ زواجهم … ولقد كان الكثير من الأديرة في حال يرثى لها. وأغفلت في بعضها الأيمان الثلاث الأساسية بالتزام الفقر، والعفة، والطاعة إغفالا يكاد يكون تاماً … ولم يكن النظام في كثير من أديرة النساء أقل من هذا فساداً (١٤).
وإذا ما عفونا عن بعض هذا الشذوذ الجنسي والانهماك في ملاذ المأكل والمشرب فإنا لا نستطيع أن نعفو عن أعمال محاكم التفتيش، وإن كانت هذه المحاكم قد اضمحل شأنها في إيطاليا اضمحلالاً كبيراً أثناء القرن الخامس عشر. مثال ذلك أن أماديو ده لاندى Amadeo de' Landi، أحد علماء الرياضة، حوكم في عام ١٤٤٠ لأنه اتهم بالمادية وصدر الحكم ببراءته؛ وحدث في عام ١٤٧٨ أن حكم بالإعدام على جاليتو مارتشيو Galeotto Marcio لأنه كتب يقول إن أي إنسان يحيا حياة صالحة يكون مصيره الجنة أيا كان دينه، ولكن البابا سكستس الرابع نجاه من الموت (١٥)؛ وفي عام ١٤٩٧ حمى مرضى جبريلي دا سالو Gabriele de Salo هذا الطبيب من محكمة التفتيش مع أنه قال إن المسيح ليس إلها، بلى هو ابن يوسف ومريم، حملت به أمه بنفس الطريقة السخيفة التي تحمل بها كل أم، وإن جسم المسيح لا يحتويه العشاء الرباني، وإنه لم يفعل المعجزات بقوة إلهية