وكانت معظم الأسر من الطبقة الوسطى تحتفظ بسجل يحوي تواريخ ميلاد أعضائها، وزواجهم، وموتهم، والحوادث الهامة في حياتهم تتخللها في بعض المواضع تعليقات ناطقة بالحب والمودة. فقد كتب جيوفني روتشيلي Giovanni Rucelli ( أحد أسلاف الكاتب المسرحي صاحب هذا الاسم نفسه) هذه العبارة في أواخر أيامه في سجل من هذا النوع لأسرته:
"أحمد الله الذي خلقني إنساناً عاقلا مخلداً؛ في بلد مسيحي؛ قريب من روما، مركز العقيدة المسيحية؛ وفي إيطاليا أشرف بلاد العالم المسيحي؛ وفي فلورنس أجمل مدائن العالم كله … أحمد الله الذي جعل لي أماً ممتازة، رفضت بعد موت أبي كل عروض الزواج مع أنها لم تكن تجاوزت سن العشرين عند وفاته، وكرست حياتها كلها للعناية بأبنائها؛ كما رزقني أيضاً زوجة صالحة، أحبتني حباً صادقاً، ووجهت أعظم عنايتها لبيتها وأبنائها، أبقاها الله لي كثيراً من السنين، وكان موتها أفدح خسارة أصابتني أو يمكن أن تصيبني طوال حياتي. فإذا ما تذكرت جميع هذه النعم والمزايا، فإني الآن وأنا في سن الشيخوخة أحب أن أتجرد من جميع المنافع الدنيوية لكي أتوجه بروحي كلها إلى التسبيح بحمدك يا الله والثناء عليك يا حي يا قيوم يا من وهبتني الحياة (٦٦).
وكتب رجلان، أو لعلهما رجل واحد، حوالي عام ١٤٣٦ رسالتين عن الأسرة وطريقة حكمها. لقد كان أنيولو بندلفيني Anolo Pandolfini في أغلب الظن صاحب الرسالة الفصيحة المسماة رسالة في حكم الأسرة Trattato del governo della famlglia؛ وكتب ليون باتستا ألبيرتي Leon Baltista Alberti بعده بقليل رسالة في الأسرة Trattato della famiglia، يشبه الكتاب الثالث من كتبها "الاقتصاد Economieo" أعظم الشبه بالرسالة السابقة حتى لقد ظن بعضهم أن الكتابين ليسا إلا صورتين