مختلفتين لرسالة واحدة من قلم ألبرتي. وليس ببعيد أن تكون نسبة كل واحدة منهما لصاحبها صحيحة، وأن ما بينهما من تشابه كبير يرجع إلى أن كلا المؤلفين قد اعتمد في رسالته على كتاب اكسنوفون Xenophon في الاقتصاد Ocenomicus ورسالة بندلفيني أحسن الرسالتين. وكان صاحبها رجلا ثرياً شبيهاً في هذا بآل روتشلاي؛ وقد خدم فلورنس في مناصب دبلوماسية، وكان سخياً في هباته للمشروعات العامة. وقد كتب رسالته في أواخر حياته الطويلة ووضعها في صورة حوار بينه وبين أبنائه الثلاثة. فهم يسألونه هل يسعون إلى المناصب العامة؛ ولكنه يشير عليهم بالابتعاد عنها، لأنها تتطلب أعمالا تتصف بالخيانة والقسوة، والسرقة، وتعرض صاحبها لارتياب الناس، وحسدهم، وتوجيه السباب له. ويقول لهم إن نجاح المرء في نيل السعادة لا يقف على نيل المناصب العامة أو الشهرة الواسعة، بل إن سعادته تعتمد على زوجته، وأبنائه، ونجاحه الاقتصادي، وسمعته الطيبة، وأصدقائه الأوفياء. وينبغي للمرء أن يتخذ له زوجة تنقص عنه في السن إلى درجة تجعلها خاضعة لتعاليمه قابلة لأن يشكلها على هواه؛ وعليه أن يعلمها، في السنين الأولى من زواجهما، واجبات الأمومة، وفنون تدبير المنزل. والحياة الهنيئة مصدرها الاقتصاد والنظام في العناية بصحة الجسم والعقل، وحسن استخدام المواهب، والوقت، والمال: فأما العناية بالصحة فتكون بالتعفف، والرياضة، والاعتدال في الطعام؛ وأما حسن استخدام المواهب فوسيلته الدرس، والتخلق بالأخلاق الشريفة باتباع أوامر الدين وبالقدوة الصالحة؛ والانتفاع بالوقت يكون بتجنب البطالة، والانتفاع بالمال يكون بحسن تدبير الدخل، والنفقات، والادخار والعمل على توازن هذه العوامل الثلاثة. والرجل الحكيم يستثمر ماله أولا في مزرعة أو ضيعة يصرف شؤونها بحيث تمده هو وأسرته بمسكن ريفي، وبما يلزمه من الحب والنبيذ، والزيت والطيور، والخشب وبأكثر ما يستطيع الحصول عليه من ضرورات الحياة