الله الصالحين؟. وانتشر العنف بين الأفراد انتشاراً واسع النطاق. وكان من أسباب قوة النزاع بين الأسر زوال العادات القديمة والعقيدة الدينية، والتراخي في أخذ الناس بالقانون، ولهذا كان الناس يثأرون لأنفسهم بأنفسهم، وظلت الأسر يقتل بعضها بعضاً جيلا بعد جيل، كما ظل التبارز عادة مألوفة مشروعة في إيطاليا لا يقف حتى يقتل أحد المبارزين نده، وحتى الأولاد الصغار كان يسمح لهم بأن يقاتل بعضهم بعضاً بالمدى، ويعد هذا أيضا من الأعمال المشروعة (٧٥). وكان النزاع بين الأحزاب أشد منه في أي مكان آخر في أوربا، وكانت الجرائم وأعمال العنف يخطئها الحصر. وكان من المستطاع ابتياع السفاحين بأثمان لا تكاد تزيد على أثمان صكوك الغفران، وكانت قصور روما تزدحم بأولئك السفاحين المستعدين لاغتيال أي إنسان بإشارة من سادتهم. وكان كل إنسان يحمل خنجراً، وكان عاجنو السموم يجدون كثيرين من طالبي سمومهم، حتى بلغ الأمر أن أهل روما قلما كانوا يعتقدون أن إنساناً ذا شخصية بارزة أو مال موفور مات ميتة طبيعية … وكان كل ذي شخصية يطلب أن يذوق شخص آخر بين يديه كل ما يقدم له من طعام أو شراب. وانتشرت في روما قصص عن سم بطيء لا يسري مفعوله إلا بعد فترة طويلة تكفي لستر آثار من يقدمه. وكان على الإنسان أن يكون يقظاً محاذراً في تلك الأيام؛ فإذا غادر المنزل في ليلة من الليالي، فقد ينصب له كمين ويسرق ماله، ويكون من حسن حظه إلا يلقى حتفه؛ وحتى في الكنيسة نفسها لم يكن الشخص آمناً على نفسه، وكان عليه إذا سار في الطرق العامة أن يستعد لمقاومة قطاع الطرق. ولهذا كان من الواجب أن يصير عقل رجل النهضة حاداً كحدة نصل السفاح.
وكانت القسوة أحياناً قسوة جماعية تسري عدواها في الأفراد والجماعات. مثال ذلك أن فتنة اندلع لهيبها في أرتسو عام ١٥٠٢ ضد أحد المندوبين الفلورنسيين، فقتل فيها مئات من أرتسو في شوارعها محيت فيها أسر