لصالحه (٨٠). وكان التقاضي كثير النفقة، ولهذا أضطر الفقراء إلى الاستغناء عنه، ووجدوا أن قتل الخصم أرخص من مقاضاته. وكان القانون نفسه آخذاً في الرقى ولكن رقيه كان مقصوراً على الناحية النظرية. وقد أنجبت بدوا، ويولونيا، وبيزا، وبيروجيا كثيرين من فقهاء القانون أمثال تشينو دا بستويا Cino da Pistoia، وبرتولوس من أهل ساسوفيراتو Bartolus of Sassoferrato، وبلدو دجلى أوبلدى Boldo degli Ubalbi الذي ظل شرحه للقانون الروماني أكبر مرجع في فقه القانون قرنين كاملين. وكان القانون البحري والتجاري يتسع باتساع نطاق التجارة الخارجية؛ ومهد جيوفني دا لنيانو السبيل لجروتيوس برسالة عن الحرب Tractatus de Bello (١٣٦٠) ، وهي أقدم كتاب معروف عن قوانينها.
لكن تطبيق القانون لم يبلغ من السمو مبلغ نظريته، ذلك أن نظام الشرطة لم يجار في تقدمه سير الجرائم، وإن كانت مهمته في حماية الأنفس. والأموال قد أخذت تظهر وتشكل وخاصة في فلورنس. وكثر المحامون، وظل التعذيب يستخدم في استجواب الشهود والمتهمين. وكانت العقوبات قاسية همجية. ففي بولونيا مثلا كان يمكن تعليق المذنب في قفص من أحد الأبراج المائلة، ويترك حتى يتقرح جسده من الشمس (٨١)، وفي سينا كان الرجل المحكوم عليه يمزق إرباً على مهل في شوارع المدينة (٨٢)؛ وفي ميلان أثناء حكم جيوفني فسكونتى مضيف بترارك كان المسجونون تبتر أطرافهم طرفاً بعد طرف (٨٣)؛ وبدأت في أوائل القرن السادس عشر عادة الحكم على المساجين يجدف المجاديف الثقيلة التي كانت تزود بها السفن، مشاهد ذلك أن سفائن يوليوس الثاني كانت تحمل على ظهورها أرقاء مشدودين إليها من أرجلهم (٨٤).
على أننا نستطيع أن نذكر في مقابل هذه الأعمال الهمجية تطور الإحسان المنظم ورقيه، فقد كان كل من يترك وصية يفرد جزءا من ماله ليوزع