للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومع أن ألمانيا لم تكن أقل تشتتاً وانقساماً من إيطاليا، فإنها كانت تعترف بالسيادة لملك واحد وإمبراطور، وتمده أحياناً بالمال والجند ليحارب بهما هذه الدولة الإيطالية أو تلك. ثم إن إنجلترا، وفرنسا، وأسبانيا، وألمانيا أنشأت جيوشاً قومية من أهلها، وأمدها أشرافها بالفرسان والقادة. أما المدن الإيطالية فلم تكن لها إلا قوات صغيرة من الجنود المرتزقة لا هم لها إلا السلب والنهب، يتولى قيادتها زعماء مغامرون أبغض الأشياء إليهم أن يصابوا بجروح قاتلة. وكانت معركة واحدة كافية لأن تكشف لأوربا ضعف إيطاليا وعجزها عن الدفاع عن نفسها.

وكان نصف بيوت المالكين في أوربا يزخر وقتئذ بالدسائس الدبلوماسية يريد كل واحد منها أن يحرز قصب السبق في الاستيلاء على الغنيمة. ونادت فرنسا بأنها صاحبة الحق الأول، لأسباب كثيرة، منها أن جيان جاليدسو لسكونتي قد زوج ابنته فالنتينا (١٣٨٧) من لويس أول دوق لأورليان، وكان ثمن هذه الصلة الطيبة المريحة بأسرة مالكة هو اعترافه بحقها وبحق الذكور من أبنائها في أن يرثوا دوقية مزيلان إذا لم يكن له وريث ذكر من صلبه؛ وتم ذلك فعلا حين توفي فيلبو ماريا فسكونتي (١٤٤٧). فاستولى صهره فرانتشيسكو اسفوردسا حينئذ على ميلان بدعوى أنها من حق زوجته بيانكا ابنة فيلبو ماريا؛ ولكن شارل دوق أورليان طالب بعرش ميلان بوصفه ابن فالنتينا، ونادى بأن آل اسفوردسا مغتصبون، وألن تصميمه على الاستيلاء على الإمارة الإيطالية إذا ما حانت له الفرصة.

وفضلا عن هذا فإن شارل دوق أنجو كان قد حصل كما يقول الفرنسيون على مملكة نابلي من البابا إربان الرابع (١٢٦٦)، مكافأة له على حماية البابوية من ملوك آل هوهنشتاوفن؛ ثم أوصت جوانا Joanna الثانية ملكة نابلي بهذه المملكة إلى رينيه Rene دوق أنجو (١٤٣٥)؛ وكان ألفنسو صاحب أرغونة قد طالب بها بدعوى أن جوانا قد تبنته إلى وقت ما،