ولم تكن البندقية تستحق العطف وقتئذ لأنها وقفت بمفردها أمام قوات ضخمة لا قبل لها بها، ولأن أغنياءها الأوفياء وفقراءها المجندين كافحوا جنياُ إلى جنب بإصرار وعزم لا يكاد يُتصور، فانتصروا في الميدان نصرا كلفهم ما لا يطيقون. وعرض مجلس الشيوخ أن يرد فائنزا وريميني للبابوية، ولكن يوليوس الغاضب الثائر رد على هذا العرض بقرار الحرمان وأرسل جنوده ليستولوا من جديد على مدن إقليم رومانيا، بينما كان زحف الفرنسيين يرغم البندقية على تركيز قواتها في لمباردي. وهزم الفرنسيون البنادقة عند أنيادلو في معركة من أشد المعارك هولا وأكثرها إراقة للدماء في أيام النهضة (١٤ مايو سنة ١٥٠٩)، قتل فيها ستة آلاف رجل في يوم واحد. واستدعى مجلس السيادة في ساعة محنته ويأسه جنوده إلى البندقية وتركوا الفرنسيين يحتلون أراضي لمباردي، وجلوا عن أبوليا ورومانيا، واعترفت فيرونا وفيتشندسا، وبدوا بأنها لم يعد في وسعها أن تحميها، وأطلقت لها كامل حريتها في أن تسلم للإمبراطور أو تقاومه حسبما تختار. وانقض مكسمليان بأكبر جيش شهدته تلك البلاد حتى ذلك الوقت- فقد كانت عدته نحو ٣٦. ٠٠٠ مقاتل- وضرب الحصار على بدوا. وسبب الفلاحون المحيطون بالمدينة لجيش الإمبراطور أكثر ما يستطيعون من المتاعب، وحارب أهل بدوا نفسها ببسالة تشهد بصلاح الحكم الذي كانوا يستمتعون به تحت راية البندقية. ونفذ صبر مكسمليان، وكان على الدوام شديد الحاجة إلى المال، فغادر الميدان وهو غاضب مشمئز إلى التيرول، وأصدر يوليوس أمره فجأة إلى جنوده أن ينسحبوا من الحصار، وعادت بدوا وفيتشندسا مختارتين إلى سيطرة البندقية، وسرح لويس الثاني عشر جيشه بعد أن حصل على نصيبه من الأسلاب.
وكان يوليوس قد أدرك قبل ذلك الوقت أن انتصار الحلف انتصاراً كاملاً إذا تم كان هزبمة للبابوية، لأنه يترك البابوات تحت رحمة دولتين