من دول الشمال، وبدأت حركة الإصلاح الديني فيهما تفصح عن نفسها. ولهذا فإنه عندما عرضت عليه البندقية أن تجيبه إلى كل ما يطلب "قبل ما عرضته عليه وكان قد أقسم أنه لن يقبل"(١٥١٠). وبعد أن استرد كل ما يرى أنه ملك حق مشروع للكنيسة، أصبح حراً في أن يوجه غضبه نحو الفرنسيين الذين كانوا وقتئذ يسيطرون على لمباردي وتسكانيا، فكانوا بذلك جيراناً للولايات البابوية غير مرغوب فيهم. وأقسم وهو في ميرندولا ألا يحلق لحيته حتى يطرد الفرنسيين من إيطاليا. وهكذا طالت اللحية الفخمة الجليلة التي تظهر في صورة رافائيل. ونادى البابا وقتئذ في إيطاليا بذلك الشعار المثير:"ليخرج البرابرة! " Fuori I barbari!، ولكنه نداء جاء بعد فوات الأوان. واعتزم أن ينفذ خطته فألف في ١١ أكتوبر سنة ١٥١١ "حلف الوحدة المقدسة" منه ومن البندقية وأسبانيا، ثم ما لبث أن ضم إليه سويسرة وإنجلترا. ولم ينته شهر يناير سنة ١٥١٢ حتى استردت البندثية مدينتي بريشيا وبرجامو بمعاونة الأهلين الفرحين المستبشرين. واستبقت فرنسا معظم جنودها في بلادها للدفاع عنها إذا ما هاجمتها إنجلترا وأسبانيا.
غير أن قوة فرنسية واحدة بقيت في إيطاليا بقيادة شاب جريء في الثانية والعشرين من عمره من رجال البلاط يدعى جاستون ده فوا Gaston de Foix. ومل هذا الشاب الخمول والجمود، فسار على رأس جيشه وفك الحصار أولا عن بولونيا ثم هزم البنادقة في إيزولا دلال اسكالا Isoal della scala ثم استعاد بريشيا، وأحرز أخيراً نصراً مؤزراً ولكنه غالي الثمن عند رافنا (١١ أبريل سنة ١٥١٢). وخضبت ميدان القتال دماء عشرين ألف قتيل، وأصيب جاستون نفسه، وهو يحارب في الصفوف الأمامية، بجراح مميتة.
ونال يوليوس بالمفاوضة ما كان قد خسره في ميدان القتال؛ فقد أقنع