عقوبات صارمة على الرشوة واختلاس الأموال العامة، وعاقب الكرادلة المذنبين بنفس العقوبات التي كان يوقعها على أصغر رجال الدين. وأمر الأساقفة والكرادلة أن يعودوا إلى مقر مناصبهم، وألقى عليهم دروساً في الأخلاق التي يريد منهم أن يتصفوا بها، وكان مما قاله لهم إن سمعة روما السيئة أضحت تلوكها الألسنة في جميع أنحاء أوربا. ولم يشأ أن يتهم الكرادلة أنفسهم بالرذيلة، ولكنه اتهمهم بأنهم يتركون الرذيلة تتفشى في قصورهم دون أن تلقى عقاباً. وطالبهم بأن يضعوا حداً لترفهم، وأن يقنعوا بإيراد أقصاه ٦٠٠٠ دوقة (٧٥. ٠٠٠ دولار) في العام. وكتب سفير البندقية في الفاتيكان وقتئذ يقول:"إن جميع رجال الكنيسة في روما قد ذهبت عقولهم من شدة الرعب، حين رأوا ما استطاع البابا أن يفعله في خلال ثمانية أيام"(٢١).
لكن الأيام الثمانية لم تكف لقطع دابر الفساد كما لم تكف لقطع دابره الثلاثة عشر شهراً من ولاية أدريان النشيطة. لقد أخفت الرذيلة رأسها إلى حين، ولكنها لم يقض عليها القضاء المبرم، ذلك أن الإصلاح قد ضايق العدد الجم من الموظفين، ولقي مقاومة مكبوتة، وأثار أملاً في أن يعجل الله منية أدريان. وأحزن البابا وأقض مضجعه عجز الإنسان عن أن يصلح الناس؛ وكثيراً ما جهر بقوله:"ما أكثر ما تعتمد مقدرة الإنسان وكفايته على العصر الذي يقوم فيه بأعماله! "- وقال لصديقه القديم هيز Heeze وهو قلق مضطرب الخاطر: "ما أكبر الفرق بين هذه الحياة وما كنا ننعم به من هدوء في لوفان! "(٢٢).
وكان وهو في هذه المتاعب الداخلية يواجه بأقصى ما يستطيعه من شرف مشاكل السياسة الخارجية الخطيرة. فقد أعاد أربينو إلى فرانتشيسكو ماريا دلا روفيرى. وترك ألفنسو في فيرارا لا يزعجه شيء. ولما أن انتهز الطغاة المطرودون من بلادهم فرصة سياسة البابا السليمة فاستولوا على