بابا، وأشار عدد ممن يحيطون بالإمبراطور أن يطعن في اختيار كلمنت بحجة أنه ابن غير شرعي (٢٦).
وسير شارل جيشاً ألمانياً بقيادة جورج فن فرندسبرج Georg von Frundsberg وماركيز بيسكارا Marquis of Pescara ليهاجم الفرنسيين خارج بافيا. وعطلت الحركات العسكرية الضعيفة عمل المدفعية الفرنسية، في الوقت الذي كانت فيه نيران البنادق الأسبانية تهزأ برماح السويسريين؛ وكاد الجيش الفرنسي أن يفنى عن آخره في موقعة من أشد المواقع الحاسمة في التاريخ (٢٤ - ٢٥ من فبراير سنة ١٥٢٥). وسلك فرانسس في هذه المحنة مسلك الشهامة والكرامة: فبينما كان جيشه يتقهقر إذا هو يقفز في وسط صفوف العدو ويقتل بيده منهم مقتلة عظيمة؛ ولما قتل جواده من تحته لم ينقطع عن القتال، حتى إذا خارت قواه آخر الأمر، ولم يعد يقوى على المقاومة، وقع في الأسر مع عدد من ضباطه. وكتب من خيمة بين المنتصرين إلى أمه رسالة كثيراً ما يقتبس نصف عباراتها المقتبسون، قال فيها "لقد خسرنا كل شيء إلا الشرف- وإلا بدني فهو سليم". وأمر شارل وكان وقتئذ في أسبانيا أن يرسل الملك ليسجن في قلعة قرب مدريد.
وانحازت ميلان إلى الإمبراطور، وشعرت إيطاليا كلها أنها أصبحت تحت رحمته، ونفحته دولة إيطالية في إثر دولة بالرشا المختلفة لكي يسمح لها بالبقاء. وخشي كلمنت أن يغزو جيش الإمبراطور بلاده، وأن يثور الشعب في فلورنس على آل ميديتشي، فخرج من حلفه مع فرنسا وأمضى (في أول أبريل سنة ١٥٢٥) معاهدة مع شارل ده لانوى Charles de Lannoy عامل شارل على نابلي، تعهد فيها البابا والإمبراطور بأن يتعاونا فيما بينهما؛ فيحمي الإمبراطور آل ميديتشي في فلورنس ويرضى أن يقيم فرانتشيسكو ماريا اسفوردسا نائباً عنه في ميلان؛ على أن يدفع البابا لشارل مقابل إهاناته السابقة له، وضماناً لخدمات الإمبراطور المستقبلية، مائة ألف دوقة