الفنون، وواصل عمله في كنيسة القديس بطرس؛ وكان لا يزال فيها حين نهبت غوغاء الإمبراطور مدينة روما. وقاسى محناً شديدة لأنه "كان وقوراً نبيلا في مظهره، حتى ظنه الغوغاء كبيرا من رجال الدين متخفياً" كما يقول فاساري. واحتفظوا به حتى يفتدى بالمال الكثير، فلما برهن على أصله الوضيع برسم صورة ملونة رائعة، قنعوا بالاستيلاء على كل ما يملكه عدا القميص الذي على ظهره، وأطلقوا سراحه. واتخذ سبيله إلى سينا فوصل إليها لا يكاد يستر جسمه شيء. وسر حكومة سينا أن تستحوذ من جديد على ابنها الفأرة المتلاف، فعهدت إليه تصميم حصونها، كما عهدت إليه كنيسة فنيتجيستا رسم صور جدارية أجمع النقاد على أنها أروع آياته الفنية- وكانت هذه الصورة الجدارية سيبيلة تعلن إلى أغسطس المرتاع نبأ مولد المسيح المرتقب.
ولكن أعظم ما نجح فيه بيروتسي هو تصميم قصر مسيمي دلي كولني Palazzo Massimi della Colonne الذي وضعه بعد عودته إلى روما (١٥٣٠). وكان آل مسيمي يدعون الانتساب إلى فابيوس هذا هو الذي خلد اسمه بالتعطل وتضييع الوقت (١). أما لقبه فمشتق من المدخل ذي العمد Columned لمسكنهم السابق الذي ضرب أثناء نهب روما. وكان من حسن حظ بيروتسي إن استدارة مكان القصر وعدم انتظامه حالا بينه وبين اتخاذ الشكل المستطيل الكثيب. ولهذا اختار له الشكل البيضي، كما اختار له واجهة على طراز مباني النهضة ومدخلا على الطراز الدوري، وكان البناء بسيطاً من
(١) إن في وصفه بالتعطل وإضاعة الوقت بعض المغالاة لأن ما فعله هذا القائد هو أنه لم يلتحم مع هنيبال في وقاعة فاصلة حين هجم هذا على ايطاليا؛ بل تركه يضعف على مهل ويفقد مؤنه ثم ينقض هو على من يتخلف وراءه من جنوده، وكانت خطته هي التي أنقذت إيطاليا من القائد القرطاجي. (المترجم).