واضحة، وخلفيات صورة وضاءة ساطعة. على حين يبدو تنتورتو أمير الظلمة إذا وضع إلى جانب هذا العابد للضوء. كذلك كان فيرونيزي أعظم مصور زخرفي في النهضة الإيطالية، وكان على استعداد دائم لأن يبتكر بدعة سارة أو مدهشة في اللون والشكل كصورة الرجل الذي يخرج فجأة من وراء ستار نصف مزاح، مخترقاً مدخلاً قديماً، والتي نشاهدها في بيت ماتشر الريفي. ولكنه كان ينهمك مسروراً في تصوير السطوح المؤتلفة إلى حد يحول بينه وبين إدراك الدقائق الصغيرة، والمتناقضات المفجعة، والتناسق العميق وهي الخصائص التي بدونها لا يكون التصوير العظيم عظيماً. لقد كان ضعيف النظر لا يرى كل شيء، وكان حريصاً في فنه على أن يصور كل ما يراه، وأكثر مما كان يتخيله مجرد تخيل- كصورة الأتراك يشاهدون تعميد المسيح، والتيوتون في بيت لاوي، وللبنادقة عند إموس، والكلاب في كل مكان. وما من شك في أنه كان يحب الكلاب، وإلا لما صور كل هذا العدد الكبير منها. وكان يرغب في تصوير أكثر نواحي الحياة بهجة ولألاء، وحقق رغبته إلى حد لا يضارعه فيه غيره. وقد صور البندقية في رونق شمسها الغاربة ومتعة الحياة الآخذة في الزوال. ولسنا نجد في عالمه الذي مثله في صوره إلا نبلاء ذوي جمال، وزوجات ذوات فخامة وعظمة، وأميرات ساحرات، وفتيات شقراوات شهوانيات، وإنا لنجد بين كل صورتين من صوره واحدة تمثل احتفالا أو عيداً.
وإن عالم الفن كله ليعرف كيف استدعى رجال محكمة التفتيش فيرونيزي أمامهم (١٥٧٣) تنفيذاً لقرار صادر من مجلس ترنت يحرم كل تعليم خاطئ في الفن، وطلبوا إليه أن يفصح لهم عن سبب إدخاله كثيراً من الأشياء التي لا تمت قط بصلة إلى الحقيقة في صورة الحفل المقام في بيت لاوي (البندقية)، كالببغاوات، والأقزام، والألمان، والمهرجين، وحاملي فئوس الحرب … ورد عليهم باولو في جرأة قائلا إن "مهمتي هي زخرفة