للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجال الدين بعد أن بعثت فيهم المذاهب المتنافسة روح الحمية، فقام البابوات ومجلس ترنت بإصلاح كثير من مساوئ الكنيسة. وليس من السهل أن نقول هل حدث تحسين مثل هذا في أخلاق غير رجال الدين؛ ويبدو أن من السهل جمع بعض الشواهد الدالة على الشذوذ الجنسي، وعلى وجود أبناء غير شرعيين، وعلى مضاجعة المحارم، وعلى ظهور الآداب البذيئة، والفساد السياسي، والسرقة، والجرائم الوحشية في إيطاليا بين عامي ١٥٣٤ - ٧٦ كما كانت تحدث فيها من قبل (٦). وتدل سيرة بينفينوتو تشليني Beyenuto Cellini الذاتية على أن الفسق، والزنا، والسطو، والاغتيال كانت تمتزج بعقائد ذلك العصر. وبقي القانون الجنائي على ما كان من قسوة في سابق العهد: فالتعذيب كثيراً ما كان من الوسائل التي يلجأ إليها في استخلاص الشهادة من الشهود ضد البريئين، كما كان يلجأ اليه لانتزاع الاعتراف من الملتهمين، وكان لحم القاتلين لا يزال ينتزع بالكلابات المحمية الحمراء قبل أن يشنقوا (٧). وكانت عودة الاسترقاق بوصفه نظاماً من النظم الاقتصادية الكبرى من أعمال ذلك العهد، وشاهد ذلك أن البابا بولس الثالث حين أعلن الحرب على إنجلترا في عام ١٥٣٥ قرر في هذا الإعلان أن أي جندي بريطاني يؤسر في هذه الحرب يصح أن يتخذ رفيقاً بحكم القانون (٨)، ونشأت حوالي عام ١٥٥٠ عادة استخدام العبيد والمذنبين لجر سفن التجارة والحرب.

على أن بابوات ذلك العهد كانوا مع ذلك رجالا ذوي أخلاق عالية نسبياً في حياتهم الخاصة. وكان أعظمهم جميعاً بولس الثالث- وكان بولس هذا هو بعينه ألسندرو فارنيزي الذي نال منصب الكردنال لما كان لشعر أخته الذهبي من أثر في نفس الإسكندر السادس. ولسنا ننكر أن بولس هذا كان له ابنان غير شرعيين (٩)، ولكن هذه كانت عادة مقبولة في ايام شبابه، وكان في وسع جوتشيارديني على الرغم منها أن يصفه بأن "رجل يزينه العلم والأخلاق الفاضلة المبرأة من كل عيب" (١٠). وكان بمبونيوس