وكتب في ذلك يقول إن هذه "النواحي الفنية المختلفة يختلف بعضها عن بعض أتم اختلاف، ولهذا فإن الذي يبرع في واحدة منها، إذا انتقل إلى أخرى، يصعب عليه أن يبلغ في الثانية ما بلغه من النجاح في الأولى؛ ولذلك بذلت كل ما أوتيت من جهد لكي أتقنها جميعاً؛ وسأثبت في المكان المناسب أنني اصبت هدفي"(٣٧).
ولا تكاد تخلو صحيفة من صحف بينفينوتو من فخر وزهو، ولكن في زهوه من الحماسة والإصرار ما يحملنا آخر الأمر على تصديقه، وهو يحدثنا عن "جمال وجهه، وتناسب أجزاء جسمه"، ولا نستطيع أن ننكر عليه هذا الحديث، ويقول:"لقد وهبتني الطبيعة مزاجاً سعيداً، ومعارف ممتازة، استطعت بفضلها أن أتقن كل ما شئت أن أتولاه من الأعمال". وكان من بين من اتصلت بهم "فتاة بارعة الجمال، غاية في الرشاقة، اعتدت أن أتخذها نموذجاً لي … وكثيراً ما قضيت الليل معها … وإني لأستغرق أحياناً في النوم العميق بعد الاستمتاع باللذة الجنسية"(٣٨). وقد استيقظ مرة من نوم كهذا ليجد نفسه مصاباً "بالمرض الفرنسي"، لكنه شفي منه بعد خمسين يوماً واتخذ لنفسه عشيقة أخرى.
وفي وسعنا أن نلمح ما كانت عليه حياة المدن في القرن السادس عشر من خروج على القوانين الأخلاقية والمدنية حين ندرك السهولة التي كان تشيليني يعصى بها أوامر الكنيسة والدولة دون حياء ولا وخز ضمير. ويبدو أن روما لم يكن فيها وقتئذ شرطة قوية تعمل باستمرار، فكان في وسع الرجل ذي الغرائز أن يكون هو قانون نفسه، بل إنه كان يضطر إلى ذلك اضطرارا ي بعض الأحيان. وكان بينفينوتو إذا استثير "يحس بحمى لو أنه كتمها في نفسه لقضت عليه لا محالة"(٣٩)، وإذا أساء إلى إنسان" ظننت أن من واجبي أن أعمل، وأن ألحن آلامي"(٤٠). وقد تورط في مئات من الشاحنات، ويؤكد لنا أنه كان على حق فيها جميعاً عدا واحدة منها. وقد