ووجد الملك والحاشية في فنتانا بيليو Fontana Belio أي فنتين بلو Fontainebleau، ورحب به فيها أعظم ترحيب، وخصص له قصر حصين في باريس يسكنه ويتعبد فيه؛ ولما أبى من فيه أن يغادروه طردهم منه قوة واقتداراً، ولم يرتح الفرنسيون لآدابه أو لغته، وأغضب ما دام ديتامب Mme d' Etampes عشيقة الملك بقلة مجاملته لحضرتها العلية، ولما سمعت بأنه ألقي من نافذة القصر أثاث السكان الذين أخرجهم منه حذرته منه بقولها إن "ذلك الشيطان سينهب باريس يوماً من الأيام"(٤٦). وسر الملك المرح من القصة، وعفا عن عنف تشيليني إكراماً لفنه، وخصص له مرتباً سنوياً قدره ٧٠٠ كرون (٨٧٥٠؟ دولاراً). ووهبه ٥٠٠ كرون أخرى نفقة رحلته من روما، ووعده بمبلغ إضافي عن كل عمل فني يقوم له به، ولشد ما ازدهى بنيفينوتو حين علم أن هذه هي نفس العروض التي قدمت لليوناردو قبل ذلك بعشرين عاماً (٤٧).
وتقدم أحد السكان الذين طردوا من القصر إلى القضاء يتهمه بسرقة بعض ممتلكاته، وأدانت المحكمة تشيليني، ولكنه قلب الحكم بطريقته المدهشة وفي ذلك يقول:
فلما رأيت أني خسرت القضية ظلماً وعدواناً، لجأت في الدفاع عن نفسي إلى خنجر كبير كنت أحمله معي، لأني كنت على الدوام أجد لذة في حمل الأسلحة اللطيفة، وكان أول شخص هاجمته به هو المدعي الذي قاضاني، وجرحته ذات ليلة في ساقيه جراحاً شديدة، وحرصت مع ذلك على ألا أقتله، ولكنني حرمته من استخدام ساقيه كلتيهما.
ويلوح أن المدعي لم يسر في القضية إلى أكثر من هذا، واستطاع تشيليني أن يوجه جهوده إلى نواح أخرى، وكان معه في مرسمه بباريس "فتاة فقيرة تدعى كترينا، وكان أهم غرض أستبقيها لدى من أجله هو الفن، لأني لا أستطيع الاستغناء عن نموذج؛ ولكنني وأنا أيضا رجل