كان في الفرن الذي أعده لهذا العمل خاصة يذيب المعدن. وقد تبين أنه لا يكفي لملء القالب، وأوشك التلف أن يحل بما ظل يكدح فيه الشهور الطوال .. فما كان من تشيليني إلا أن نهض من فراشه، وألقى في الفرن كتلة من القصدير ومائتي إناء من كلس القصدير، وكان فيها الكفاية، ونجح صب التمثال أتم نجاح؛ ولما عرض على الجماهير (١٥٥٤)، لقي من الثناء بقدر ما لقي أي تمثال أقيم في فلورنس منذ صب ميكل أنجيلو تمثال داود، وحتى بنديتلي نفسه لم يسعه إلا أن يقول كلمة طيبة فيه.
ثم تبدأ القصة تنحدر من هذه الذروة فتستحيل إلى صفحات من المساومة مع الدوق على أجر تمثال بيرسبوس، وطال انتظار بنيفينوتو، ولكن كوزيمو كان ينقصه المال، وتنتهي القصة نهاية مفاجئة في عام ١٥٦٢، ولسنا نجد فيها ذكراً لتلك الحقيقة التي يكاد يؤيدها الدليل القاطع، وهي أن بنيفينوتو سجن مرتين في عام ١٥٥٦، متهما فيما يبدو بجرائم أخلاقية (٥٢). وألف تشيليني في هذه السنين الأخيرة رسالة في فن الصياغة … Trattato dell Orificeria وبعد أن ظل يعربد نصف قرن من الزمان تزوج في عام ١٥٦٤، وكان له ولدان شرعيان بالإضافة إلى طفل غير شرعي ولد له في فرنسا، وخمسة ولدوا له بعد عودته إليها.
ولسنا نستطيع أن نعثر إلا على عدد قليل من أعماله ونتأكد أنها له، وذلك لأنها كانت في العادة تحفا فنية صغيرة يسهل نقلها من مكان إى مكان، ففي كنوز كنيسة القديس بطرس ثرية قضية مزخرفة تعزى إلى تشيليني، وفي برجلو تمثالان له هما تمثال نارسس وتمثال جانيميدي، وكلاهما تمثال ممتاز من الرخام، وفي بتي صينية وإبريق من الفضة؛ وفي اللوفر مدلاة عليها صورة بمبو؛ ونقش من البرنز بارز جميل يسمى حورية فنتيلينو. وفي فينا- كما تدعى تلك المدينة- المملحة التي صنعها لفرانسس الأول، وتضم