للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لـ "شيفا" لكنه تحول بعدئذ إلى العقيدة البوذية، وأصبح شبيهاً بـ "أشوكا" في حسناته التي صدر فيها عن تقواه؛ فحرم أكل الحيوان، وأقام محطات ينزل بها المسافرون في أرجاء ملكه جميعاً، وأنشأ ألوف الأضرحة البوذية على ضفاف الكنج.

ويروى لنا "يوان تشوانج"- وهو أشهر البوذيين من أهل الصين- وقد زار الهند، أن "هارشا" كان يعلن كل خمسة أعوام عن حفل عظيم لأعمال البر، كان يدعو إليه كل رجال الديانات على اختلافها، كما يدعو إليه كل الفقراء والمعوزين في مملكته، وكانت عادته في هذا الاجتماع أن يحسن على ملأ من الناس بكل الفائض عن حاجته في خزانة الدولة منذ الاحتفال الخمسي الماضي؛ ولكم دهش "يوانج" لما رأى مقداراً كبيراً من الذهب والفضة والنقود والجواهر والأثواب الدقيقة النسج والغلالات الموشاة، مكدساً أكواما في ميدان مكشوف يحيط به عشرات من الأروقة يضم كل منها ألف شخص؛ وكانت الأيام الثلاثة الأولى تخصص للطقوس الدينية، ثم يبدأ توزيع الصدقات في اليوم الرابع (لو أخذنا بما يقوله هذا الحاج وإنه لقول من العسير تصديقه)؛ وكانوا في ذلك الحفل يطعمون عشرة آلاف من الرهبان البوذيين، ويقدمون لكل منهم لؤلؤة وثياباً وأزهاراً وعطوراً ومائة قطعة من الذهب؛ وبعدئذ يعطون البراهمة من الصدقات ما يكاد يبلغ هذا المقدار، ثم يعطون الجانتيين صدقاتهم، ثم يعقبون على ذلك بسائر العقائد الدينية وبعد ذلك يحسنون على الفقراء واليتامى الذين جاءوا من كل ركن من أركان المملكة من غير رجال الدين؛ وكان التوزيع أحياناً يستغرق ثلاثة شهور أو أربعة؛ وفي ختام الحفل يخلع "هارشا" عن نفسه أرديته الثمينة ومجوهراته، ليضيفها إلى الصدقات (٥٥).