للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيئاً منه للدفاع عن الدين. وإن فيما يقولون لبعض الحق، ذلك أن كثيرين من الكرادلة وغيرهم من الموظفين في بلاطنا يعيشون هذه العيشة أو نحوها. وإذا أردتم الحق فإن ما في بلاطنا من ترف وتباه ليزيد على الحد الواجب. ومن أجل هذا ترى الناس يبغضوننا ويحقدون علينا فيمنعهم ذلك من الاستماع إلينا وإن قلنا ما هو عدل يرتضيه العقل. فماذا ترون أن نفعل في هذه الأمور التي تجللنا بالعار؟ .. إن علينا أن نبحث عن الوسائل التي اتبعها أسلافنا فنالوا للكنيسة السلطة-والاحترام وعلينا بعدئذ أن نحتفظ بهذه السلطة بتلك الوسائل نفسها. وما من شك في أن الذي رفع من شأن الكنيسة الرومانية وجعل لها السيادة على العالم أجمع إنما هو الاعتداد، والعفة، والطهارة، والغيرة على الدين .. واحتقار الدنيا، والرغبة في الاستشهاد (١٥).

وأخذت رذائل البلاط البابوي تزداد كلما قرب القرن الخامس عشر من نهايتهِ على الرغم من الجهود التي بذلها بابوات من أمثال نقولاس الخامس وبيوس الثاني وما بذله الصالحون من رجال الدين أمثال الكردنالين جوليانوسيزاريتي ونقلاس الكوزائي (١٦) فكان بولس الثاني يلبس تاجاً بابوياً تزيد قيمته على قيمة قصر عظيم، وجعل سكتس الرابع ابن أخيه من أصحاب الملايين، وأقحم نفسه في ميدان السياسة، وبارك المدفع الذي يحارب به وقائعه، وحصل على المال اللازم لحروبه ببيع المناصب الدينية إلى من يؤدي فيها أكبر الأثمان، واحتفل أنوسنت الثامن بزواج أبنائه في قصر الفاتيكان. وكان أسكندر السادس يرى أن بقاء رجال الدين بلا زواج خطأ يجب الإقلاع عنه كما كان يراه لوثر وكلفن، وكان له خمسة أبناء أو أكثر قبل أن يلتزم العفة وهو بابا، ولم يرَ رجال عصره فيما كان يتصف به من مرح وعدم استعفاف ما يؤخذ عليه كما قد يظن الناس، ذلك بأن الناس لم يكونوا يرون فيما يلجأ إليه رجال الدين سراً من علاقات غرامية أمراً غير مألوف، وكان كل ما تلأخذه أوربا على إسكندر السادس هو سياسته الخارجية التي