وتلا ذلك قيام طائفة من البابوات الأقوياء خاف بعضهم بعض أغنتهم ورفعت من مقامهم النهظة الإيطالية، فرفعوا البابوية إلى درجة من الفخامة لم تشهد مثلها من قبل حتى في أيام أنوسنت الثالث ذلك البابا الفخور. ونال نقلاس الخامس إعجاب الكتاب اللإنسانيين بأن وجه إيراد الكنيسة إلى مناصرة العلم والفن، وبدأ كلكستس الثالث تلك العادة الظريفة عادة منح الوظائف الدينية للأقارب، وهي التي كانت مصدراً خصباً للفساد في الكنسية. وكافح بيوس الثاني، الذي كان مؤلفاً نابهاً وبابا عظيماً، لإصلاح الإدارة البابوية والأديرة، وألف لجنة من كبار رجال الدين المشهود لهم بالاستقامة والتقوى لدراسة معيب الكنيسة واعترف لهذه اللجنة في صراحة بأن:
أمرين هما أقرب الأمور إلى قلبهِ، حرب الترك وإصلاح البلاط الروماني، وأن إصلاح الأمور الكنسية كلها، وهو ما اعتزم المضي فيه، ليتوقف كله على إصلاح أحوال البلاط البابوي الذي أريد أن يكون مثلاً يحتذى به. وفي عزمي أن ابدأ بإصلاح أخلاق رجال الدين في هذا البلد وأن أقضي على كل ما فيهِ من بيع الوظائف الدينية وغير ذلك من المساوئ (١).
وأصدرت اللجنة توصيات تحمد عليها وصاغ بيوس هذه التوصيات في مرسوم بابوي. لكن روما لم يكن فيها إلا القليل ممن يريدون الإصلاح لأن نصف من كان فيها من الموظفين والكبراء كان يستفيد من هذا العيب أو ذاك، ولهذا أحبط الحقد وأحبطت المقاومة السلبية أعمال بيوس بينما كانت الحرب الصليبية العقيمة التي شنها على الأتراك ثمة تشغل باله وتستنفذ قواه وماله. وقد وجه قبيل آخر ولايته نداء أخيراً إلى الكرادلة قال فيه:
يقول الناس أننا نسعى في حياتنا وراء اللذة ونكدس الثروة، ونتصف بالكبرياء والغطرسة، ونمتطي صهوة البغال الثمينة والجياد المطهمة .. ، ونربي الكلاب للصيد، وننفق المال الكثير على الكلاب والطفيليين، ولا ننفق