لا يرعى فيها إلاً ولا ذمة وما تأخذه على سيزاري بورجيا هو قسوته في حروبه وأنه استرد للبابوية ولايتها وزاد الكرسي الرسولي قوة وأمده بالكثير من المال الذي يحتاجه. وقد اتبع آل بورجيا في هذه الخطط السياسية والمعارك الحربية جميع الخطط الحربية وأساليب الغدر وسفك الدماء التي صاغها ميكافيلي بعد قليل من ذلك الوقت في كتاب الأمير (١٥١٣) وقال أنها لا غنى عنها لتأسيس دولة قوية أو لتوحيد إيطاليا. وفاق البابا يوليوس الثاني سيزاري بورجيا فيما شنه من الحروب على البندقية النهمة الجشعة وعلى الفرنسيين الغزاة، وكان يفر كلما استطاع من سجن الفاتيكان، ويقود جيشه بنفسهِ ويحب الحياة الصعبة والحديث الخشن في المعسكرات الحربية. وهال أوربا أن ترى البابوية لا تكتفي بأن تصبح سلطة زمنية فحسب، بل أن تصبح فوق ذلك قوة عسكرية، غير أنها مع ذلك لم يسعها إلا أن تعجب بعض الإعجاب بقوة ذلك المحارب الذي أخطأت المقادير فجعلته بابا، وترامت الأنباء وراء جبال الألب عما كان يقدمه يوليوس من معونة للفن ومناصرة للممتازين من الفنانين أمثال رفائيل وميكل انجلو وكان يوليوس هو اليذ بدأ بناء كنيسة القديس بطرس الجديدة، وأول من منح صكوك الغفران للذين أسهموا في نفقات بنائها. وفي أيام ولايته قدم لوثر إلى رومة وأبصر بعينهِ المظالم. ذلك الاسم الذي أطلقه لورنزو ده ميدتيشي على عاصمة العالم المسيحي. لم يعد في أوربا حاكم يرى أن البابوية حكومة أخلاقية فوق الحكومات كلها تؤلف من الأمم كلها دولة مسيحية واحدة، وذلك لأن البابوية بعد أن صارت دولة دنيوية قد اصطبغت بالصبغة القومية. وتقطعت أوصال أوربا، كما تتطلب ذلك العقيدة الجديدة إلى أقسام صغيرة قومية لا تعترف بقانون أخلاقي منزل أو دولي وتردت في الحروب بين مختلف أقسام المسيحية ودامت خمسة قرون.
وإذا أردنا أن نصدر حكماً عادلاً على بابوات النهضة هؤلاء فإن علينا