للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان فيها الملاك المزارعون الذين يصبحون رماة بالسهام والحراب أقوياء، وكان الوقت قد حان لإنشاء هاتين القوتين وجعلهما جزءاً من هيكل الحكومة البريطانية. ولم يكن يدعي للديمقراطية الكاملة. ذلك أن المدن كانت-أو أنها ستكون قبل عام ١٤٠٠ - قد رفعت عن كاهلها سيادة رجال الإقطاع، فقد قصر حق الاقتراع فيها على أقلية صغرى من الملاك الذكور. ومعنى هذا أن الأشراف ورجال الدين ظلوا كما كانوا حكام إنجلترا، فقد كانوا يملكون معظم الأرض الزراعية ويستخدمون فيها الكثرة الغالبة من السكان إما مستأجرين لها أو أرقاء أرض فيها، وكانوا هم الذين ينظمون قوى البلاد المسلحة ويوجهونها.

واجتمع البرلمان (وهو الاسم الذي سمي به أيام إدوارد الثالث) في القصر الملكي بوست منستر المقابل للدير التاريخي المسمى بهذا الاسم. وجلس فيه عن يمين الملك كبير أساقفة كنتربري ويورك، والأساقفة الثمانية عشر، ورؤساء الأديرة الكبيرة، وجلس عن يساره مائة ممن يحملون ألقاب دوق، ومركيز، وايرل، وفيكونت، وبارون، وتجمع ولي العهد ومجلس الملك قرب العرش، وجلس قضاة المملكة على أكياس من الصوف يذكرهم بأهمية تجارة الصوف لإنجلترا، وقد جاءوا ليدلوا برأيهم في النقط القانونية. ولما افتتحت الجلسة وقف نواب المدن والفرسان-الذين عرفوا فيما بعد بالعموم-عراة الرؤوس أمام حاجز يفصلهم عن رجال الدين والأعيان، وأصبحت الجمعية الوطنية وقتئذ (١٢٩٥) لأول مرة مكونة من مجلس أعلى ومجلس أسفل. واستمع القسمان مجتمعين إلى الملك أو نائبه وهو يلقي خطاباً (سمي فيما بعد خطبة العرش) يشرح فيه الموضوعات التي سيدور فيها البحث والقرارات التي يراد إصدارها. ثم انسحب رجال "العموم" ليجتمعوا في قاعة أخرى-كانت هي عادة قاعة اجتماع القساوسة في دير وست منستر. وهناك تناقشوا في اقتراحات الملك المعروضة عليهم.