للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبنى عقيدته على مبدأ الجبرية الخطير، وهو المبدأ الذي قدر له أن يبقى حتى يومنا هذا أشبه بالمغناطيس الذي يجذب إليه المذهب البروتستنتي اللاهوتي وينجي القائلين به من العقاب. وفي ذلك يقول ويكلف إن الله يمنح بركته ورحمته لمن يشاء، وقد كتب على كل إنسان مصيره المحتوم في الأزل قبل مولده كتب عليه الخسران أو النجاة إلى الأبد. وليست الأعمال الصالحة هي التي تنجي صاحبها، بل إنها تدل على إن من يعملها قد تلقى رحمة الله ونعمته وأنه ممن اختارهم وخصهم بهذه النعمة وتلك الرحمة ونحن نصدر في أعمالنا حسبما قسمه الله لنا، ومصيرنا هو خلقنا وليس خلقنا هو مصيرنا كما قال هرقليطس. وكان آدم وحواء وحدهما هما اللين استمتعا بحرية الإدارة، ثم خسرا وأبناؤهما من بعدهما هذه الحرية بمعصيتهما.

ولله سيدنا ذو السلطان الكامل علينا، وولاؤنا له ولاء مباشر أشبه ما يكون باليمين التي يقسمها كل إنجليزي أمام الملك، وليس هو ولاء غير مباشر عن طريق ولاء لسيد تابع كما هي الحال في فرنسا الإقطاعية. ومن ثم كانت العلاقة القائمة بين الإنسان والله علاقة مباشرة لا تحتاج إلى وسيط، ولذلك يجب أن يرفض كل ما تدعيه الكنيسة أو يدعيه أي قس من أن تكون هي أو يكون هو واسطة لا بد منها. وبهذا المعنى يكون كل مسيحي قسيساً وليس في حاجة إلى أن يرسم كذلك والله مالك الأرض وما عليها، وليس في مقدور الآدمي أن يمتلك شيئاً منه بحق إلا بوصفه تابعاً له طائعاً لأمره. وكل ما يحمل وزراً-يكون بذلك عاصياً للملك القدوس-يفقد بذلك كل حق له فيما يملك لأن الامتلاك الحق يتطلب أن يكون المالك متمتعاً بنعمة الله. وواضح مما جاء في الكتاب المقدس أن المسيح قد قصد ألا يكون للحواريين ولمن خلفهم، ولمن رسموا بعدهم مندوبين عنهم ألا يكون لهؤلاء جميعاً أملاك ما وأذن فكل كنيسة، وكل قس يمتلكان شيئاً يعصيان أوامر الله، وهما لذلك آثمان، ومن ثم فهما لا يستطيعان تقديم العشاء الرباني. ومن ثم