للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٣١١ وما بعدها)، وعمل الإنجليز بناء على إرشادهم على إقامة صناعة النسيج فيها، ثم حرم تصدير الصوف واستيراد معظم الأقمشة الأجنبية، ولم ينته القرن الرابع عشر حتى أصبحت صناعة النسيج لا تجارة الصوف أهم مصادر الثروة السائلة في إنجلترا وحتى وصلت إلى مرحلة قريبة من الصناعات الرأسمالية.

وكانت الصناعة الجديدة تتطلب التعاون التام بين عدة حرف-النسيج، والتقصير، والتمشيط، والصباغة، والصق، لم يكن في وسع نقابات الحرف القديمة أن تنظم ما يحتاج إليه الإنتاج الاقتصادي من تعاون، فعمل أصحاب المشروعات الكبرى على جميع الأخصائيين المختلفين من العمال في منظمة واحدة، يشرفون عليها ويمدونها بالمال. على أنه لم يقم في هذه البلاد نظام للمصانع كالذي كان قائماً في فلورنس وفلاندرز، بل ظل معظم العمل يتم في حوانيت صغيرة على يد معلم كبير، وصبيانه، وعدد قليل من البائعين المتجولين، أو يتم في مصانع ريفية صغيرة تدار بقوة الماء، أو في بيوت ريفية حيث كانت الأصابع الدائبة الكادحة تدير الأنوال إذا أتاحت لها أعمالها المنزلية الرتيبة فسحة من الوقت. وقاومت نقابات الحرف النظام الجديد بالإضراب ولكن تفوقه في الإنتاج تغلب على كل ضروب المقاومة، وأصبح العمال الذين ينافسون الصناعات الجديدة في بيع نتائج كدحهم وحذقهم تحت رحمة الذين يمدون هذه الصناعات برؤوس الأموال وبالمدربين، وازدادت سيطرتها عليهم شيئاً فشيئاً وأصبح الكادحون في المدن "لا يدخرون شيئاً لغدهم .. وملابسهم رثة، وبيوتهم قذرة .. يجدون كفايتهم من العيش في أوقات الرخاء، ولكنهم لا يجدون ما يقيم أودهم في أيام الشدة".

وكان جميع الذكور من سكان المدن في إنجلترا معرضين لأن يجندوا للعمل في الأعمال العامة، ولكن كان في وسع الأغنياء منهم أن يشتروا أنفسهم بالمال. وكان الأهلون بوجه عام يعيشون في فقر مدقع، وإن لم يبلغ