في تاريخه. وسرعان ما انتزعه غرامه بالرحلة، فساقه إلى اسكتلتد، وبردو وسافوي وإيطاليا. ولما عاد إلى هانو أصبح قسيساً وكاهن شيماي. وهناك صمم على أن يعيد تأليف كتابه نثراً، وأن يتوسع فيه من أوله ومن آخره. ورحل مرة أخرى إلى إنجلترا وفرنسا، يجمع المواد في مثابرة ودأب. حتى إذا عاد إلى شيماي وقف على إتمام هذا التاريخ "النبيل الممتع .. الذي ستشتد الحاجة إليه بعد وفاتي .. ليشجع كل القلوب الباسلة، ويعطلها على مثل شريفة". وليست هناك قصة خيالية أروع منها، والقارئ الذي يبدأ هذه الصفحات، المسهبة، الألف والمائتين، وهو ينوي أن يقفز من قمة إلى قمة، سيجد الأدوية مشوقة أيضاً، وسيسير في القراءة في بهجة وأناة إلى النهاية. ولم يشغف هذا القسيس-مثله في ذلك مثل يوليوس الثاني-بغير الحرب. وفتن بالحركة والشهامة والأرستقراطية، أما العامة فلم يلجوا صفحاته إلا باعتبارهم ضحايا النزاع الذي شجر بين الأشراف. ولم يبحث في الحوافز، واعتمد في ثقة بالغة على الروايات المزوقة والمنحازة، ولم يزعم أنه يفلسف الأخبار. فقد كان إخبارياً فحسب بل إنه أعظم الإخباريين جميعاً.
وتحدد المسرحية العصر الذي تمثل فيه، ولقد احتلت المسرحيات الدينية والأخلاقية التي عرفت باسم "المعجزة" كما احتلت الفواصل والهزليات المسارح المؤقتة التي تشيد في المدن. وأخذت الموضوعات غير الدينية تزداد على الأيام واقترن المرح بالفحش في العادة، بيد أن الموضوعات الدينية ظلت مسيطرة، ولم يستشعر الناس الملل قط من المناظر التي تمثل آلام المسيح. ولقد تخصصت أهم فرقة تمثيلية في هذا العصر وهي فرقة الإخوان الباريسية التي تمثل آلام السيد المسيح في تمثيل قصة الفترة القصيرة التي قضاها المسيح في أورشليم. وبلغت إحدى هذه المسرحيات التي ألفها "أرنول جريبان" خمسة وثلاثين ألف سطر.