حصناً، في أماكن استراتيجية بالضواحي. وحيا أهل أورليان جان، باعتبارها مريم العذراء مجسدة، واتبعوها مؤمنين بها إلى الأماكن المحفوفة بالمخاطر، وصحبوها إلى الكنيسة، يصلون إذا صلت، ويبكون إذا بكت. وترك الجند، حظياتهم بأمرها، وجاهدوا، لكي يثبتوا تطهرهم، ووجد أحد قادتهم وهو لاهير، أن ذلك مستحيلاً، وجاءته فتوى من جان، أن يقسم على عصا قيادته. وهذا المغامر الجاسكوني، الذي نطق بالدعاء المشهور "إلهي مولاي أتوسل إليكَ أن تعمل من أجل لاهير، ما يعمله هو من اجلك لو أنك كنت القائد، وكان لا هيرا هو الله".
وأرسلت جان كتاباً إلى تالبوت، القائد الإنجليزي، تقترح عليه، أن يتحد الجيشان وأن يكونوا إخوة، وأن يتقدموا إلى فلسطين، لتخليص الأرض المقدسة من الترك، ورأى تالبوت، أن هذا يخرج عن نطاق مهمته. وبع ذلك بأيام قلائل، تجاوز فريق من الحامية الأسوار، دون أن يعلموا دينوا أو جان وهاجموا حصناً بريطانياً, فأبلى الإنجليز بلاءً حسناً، وتقهقر، الفرنسيون، ولكن دينوا وجان، سمعا بهذه الفتنة، فركبا جواديهما واستحثا رجالهما أن يعودوا إلى الهجوم من جديد، ونجح الهجوم، وترك الإنجليز مكانهم وفي اليوم التالي هاجم الفرنسيون حصنين آخرين، واستولوا عليهما، وكانت العذراء وسط المعمعة، وفي الصدام الثاني، اخترق سهم كتفها، فضمد الجرح وعادت إلى المعركة. وأخذ مدفع جويوم ديزي، القوي يصب في الوقت نفسه على قلعة الإنجليز في ليه توريل، قذائف، تزن كل منها مائة وعشرين رطلاً. وأعفيت جان من رؤية الفرنسيين وهم يذبحون خمسمائة من الإنجليز عندما سقط هذا المعقل الحصين. وانتهى تالبوت إلى أن قواته، لا تفي بالحصار، فأمرها بالانسحاب شمالاً (٨ مايو). وابتهجت فرنسا بأسرها، ورأت في "عذراء أورليان" إرادة الله ولكن الإنجليز، قالوا إنها ساحرة، وأقسموا أن يأخذوها حية أو ميتة.