وفي اليوم التالي لانتصارها خرجت جان لتلقى الملك، المتقدم من شينون، فحياها بقبلة، ووافق على خطتها، في السير عبر فرنسا إلى ريمز، وإن كان معنى ذلك المرور بأرض معادية. وقابل جيشه قوات إنجليزية في مونج وبوجنسي وباتاي، وأحرز انتصارات حاسمة، لطخوها بمذابح انتقامية، أفزعت العذراء، ولما رأت جندياً فرنسياً، يذبح أسيراً إنجليزياً، ترجلت عن جوادها، وأمسكت برأس الرجل المحتضر في يديها، وواسته، وأرسلت تطلب كاهناً، يعترف له. وفي الخامس عشر من يوليو، دخل الملك ريمز، وفي السابع عشر، رسم وتوج في احتفالات رائعة في الكاتدرائية العظيمة. ورأى جاك دارك، وهو عائد من دومري ابنته، في زي الرجال، تمتطي صهوة جوادها في أبهة عبر عاصمة فرنسا الروحية، فلم يدع الفرصة تفوته، وضمن بواسطتها، إعفاء قريته من الضرائب. واعترت جان نوبة عابرة، اعتقدت فيها أن مهمتها، قد انتهت، وفكرت، "إن رضى الله أن أرحل وأرعى الأغنام مع أختي وأخي".
ولكن حمى القتال مازجت دماءها. ومع أن نصف فرنسا اعتقد أنها ملهمة ومقدسة، فقد كادت تنسى الآن أنها قديسة، وأصبحت محاربة. كانت حازمة مع جنودها، تؤنبهم في حب، وجردتهم من وسائل التسلية التي يعدها جميع الجنود حقاً لهم، ولما رأت بغيتين في صحبتهم، جردت سيفها من غمده، وضربت إحداهما بقوة، تحطم معها السيف وماتت المرأة، وتبعت الملك وجيشه في غارة على باريس، وكان الإنجليز لا يزالون يحتلونها، وكانت في العربة عند تطهير الخندق الأول، وما أن اقتربت من الخندق الثاني، حتى أصيبت بسهم في فخذها، ولكنها تحث الجنود. وفشل هجومهم، وبلغت إصاباتهم ألفاً وخمسمائة، فلعنوها لأنها ظنت أن الصلاة قد تسكت مدفعاً، ولم يكن ذلك من تجاريبهم. واتهمها بعض الفرنسيات اللائي كن يتسقطن أول إخفاق لها بأنها قادت هجوماً يوم ميلاد العذراء