لذوي الكفاءة مهما يكن من أمر عقيدتهم أو جنسهم، ومنع ضريبة الرءوس التي كان الحكام الأفغان يفرضونها على الهندوسيين الذين يأبون الدخول في الإسلام (٩١)، وكان تشريعه في بداية حكمه يبيح عقوبات من قبيل بتر الأعضاء، أما في نهاية عهده فربما بلغ التشريع في بلاده من الرقي ما لم تبلغه أية حكومة أخرى في القرن السادس عشر؛ إن كل دولة تبدأ بالعنف ثم تأخذ في طريق الملاينة الذي ينتهي إلى الحرية (ذلك إن أمنت على نفسها الخطر).
لكن قوة الحاكم كثيراً ما تكون ضعفاً في حكومته، فقد كان بناء الحكم قائماً إلى حد كبير على "أكبر" بما كان له من صفات عقلية وخلقية ممتازة، ولذلك كان من البديهي أن يتعرض كل ذلك للانهيار بعد موته؛ وبالطبع قد تحلى بمعظم الفضائل ما دام قد استأجر معظم أقلام المؤرخين: فكان خير رياضي وخير فارس وخير محارب بالسيف، ومن خيرة المهندسين في فن العمارة، وكان كذلك أجمل رجل في البلاد كلها، أما الواقع فإنه كان طويل الذراعين، مقوس الساقين، ضيق العينين كسائر المنغوليين، رأسه يميل نحو اليسار، وفي أنفه ثؤلول (زائدة جلدية)(٩٣)، لكنه كان يكتسب شكلاً محترماً بنظافته ووقاره وهدوئه وعينيه اللامعتين اللتين كانتا تتلألآن (كما يقول أحد معاصريه): "تلألأ البحر في ضوء الشمس" أو كانتا تشتعلان على نحو ترتعد له فرائص المعتدي كما حدث لفاندام أمام نابليون، كان ساذج الثياب، يغطي رأسه بغطاء مزركش، ويرتدي صدراً وسراويل، ويرصع نفسه بالجواهر، ويترك قدميه عاريتين؛ وكان لا يميل كثيراً إلى أكل اللحم، ثم امتنع عنه امتناعاً تاماً تقريباً في أواخر سنيه قائلاً "إنه لا يجمل بالإنسان أن يجعل من معدته مقبرة للحيوان" ومع ذلك فقد كان قوي الجسد قوي الإرادة، وبرع في كثير من أنواع الرياضة التي تحتاج إلى حركة ونشاط، واستخف بستة وثلاثين ميلاً يمشيها في يوم واحد، وكان يحب اللعب بالكرة والصولجان