حباً حدا به أن يخترع كرة منيرة ليتمكن اللاعبون من القيام بلعبتهم هذه في ظلمة الليل؛ وورث من أسلافه في أسرته ميولها الاندفاعية القوية، وكان في شبابه (مثله في ذلك مثل معاصريه من المسيحيين) قادراً على حل مشكلاته بالاغتيال؛ لكنه راضَ نفسه شيئاً فشيئاً على أن يجلس على بركان نفسه- على حد تعبير وودرو ولسن- وامتاز من عصره امتيازاً بعيد المدى في ميله إلى العدل، وهو صفة لا يتميز بها حكام الشرق دائماً؛ يقول "فرِشْتا": "إن رحمته لم تعرف حدوداً، بل إنه كثيراً ما ذهب في هذه الفضيلة حتى جاوز بها حدود الحكمة"(٩٣) وكان كريماً ينفق الأموال الطائلة إحساناً، أحبه الناس جميعاً، وخصوصاً الطبقات الدنيا، فيقول عنه مبشّرٌ جوويتيّ:"إنه كان يتقبل من أهل الطبقات الدنيا عطاياهم الحقيرة بوجه باسم، فيتناولها بيديه ويضمها إلى صدره، مع إنه لم يكن يفعل مثل ذلك مع أفخر الهدايا التي كان يقدمها له الأشراف، وقال عنه أحد معاصريه إنه كان مصاباً بالصرع؛ وروى عنه كثيرون أن داء السوداء كثيراً ما كان يستولي عليه إلى درجة تسود معها نظرته إلى الحياة اسوداداً مخيفاً، وكان يشرب الخمر ويأكل الأفيون في اعتدال، ولعله فعل ذلك ليكسب واقع حياته المظلم شيئاً من البريق، ولقد كان أبوه كما كان أبناؤه يشربون الخمر كما شربها ويأكلون الأفيون كما فعل، لكنهم لم يكونوا يشبهونه في ضبطه لنفسه (١) وكان له حريم يتناسب مع سعة ملكه، فيروي لنا أحد الرواة " أن الملك له في "أجرا" وفي "فتحبور- سِكْرى"- هكذا يروون بصيغة الصدق- ألف فيل وثلاثون حصاناً وألف وأربعمائة غزال وثمانمائة خليلة" لكنه لم يكن له فيما يظهر شهوات حسية ولا ميول تدفعه إلى الانغماس فيها؛ نعم إنه أكثرَ من زوجاته، لكنه كان زواجاً سياسياً، فكان يتودد إلى أمراء الراجبوت بزواج بناتهم، وبهذا كسبهم في تعضيد عرشه،
(١) مات اثنان من أبنائه في شبابهما بسب الإدمان في الخمر