للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتسلبهم أملاكهم و "برونو" يقذف به في النار في إيطاليا، كان "أكبر" يوجه الدعوة إلى ممثلي الديانات كلها في إمبراطوريته ليعقدوا مؤتمراً، وتعهد لهم بحفظ السلام بينهم وأصدر المراسيم بوجوب التسامح مع المذاهب كلها والعقائد كلها، ولكي يقيم الدليل على حياده، تزوج من نساء البراهمة، ومن نساء البوذية، ومن نساء المسلمين جميعاً.

وكان ألذ ما يمتعه بعد أن بردت في نفسه جذوة الشباب المضطرمة، المناقشات الحرة في العقائد الدينية؛ ولقد ترك تعاليم الإسلام الجامدة تركاً تاماً حتى أغضب بحياده هذا في الحكم رعيته من المسلمين؛ يقول عنه "سانت فرانسس زافير" في شئ من المغالاة: "لقد حطم هذا الملك مذهب محمد الفاسد، وهاجمه هجوماً بحيث لم يبق له فضيلة واحدة، ولم يعد في هذه المدينة مسجد أو قرآن- هو كتاب شريعتهم- وأما ما كان هناك من مساجد فقد اتخذوا منها حظائر للخيل أو مخازن"؛ ولم يؤمن الملك أقل إيمان بالوحي، ولم يكن ليصدق شيئاً لا يقوم على صحته برهان من العلم والفلسفة؛ وكثيراً ما كان يجمع طائفة من أصدقائه ومن رجال العقائد الدينية المختلفة ثم يأخذ في مناقشة الدين معهم من مساء الخميس إلى ظهر الجمعة، فإذا ما اعترك فقهاء المسلمين مع قساوسة المسيحيين، زجرهم قائلاً إن الله ينبغي أن يعبد بالعقل لا بالتمسك الأعمى بوحي مزعوم؛ وكان مما قاله، فجاء شبيهاً بروح كتاب "اليوبانشاد"، بل ربما كان في قوله هذا متأثراً "باليوبانشاد" و "كابر": "كل إنسان يسمى الكائن الأسمى باسم يلائم وجهة نظره، والواقع أن تسميتنا لما يستحيل علينا إدراكه ضرب من العبث" واقترح بعض المسلمين أن تخبر المسيحية إزاء الإسلام بمحنة النار، وذلك أن يمسك شيخ من شيوخ المسلمين بالقرآن، وأن يمسك قسيس بالإنجيل، ثم يخوضان معاً في النار، فمن خرج منهما سالماً من الأذى، اعترف له منادياً في الأرض بصوت الحق،