للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البحريتين. وجمع ودرس هناك، هو ومعاونوه، وفهم فلكيون ورسامو خرائط من اليهود والمسلمين في مدى أربعين سنة تقارير الملاحين والرحالة، وسيروا إلى البحار المحفوفة بالمخاطر، سفناً خفيفة، مزودة بالأشرعة والمجاديف، ويقوم عليها من ثلاثين إلى ستين رجلاً. وكان أحد قباطنة هنري قد أعاد كشف مادريه (سنة ١٤١٨)، التي سبق أن رآها البحارة الجنوبيون قبل ذلك بسبعين سنة ثم عفّا عليها النسيان، ولقد طور وقتذاك المستعمرون البرتغاليون مواردها، وسرعان ما عوضت غله من السكر وغيره من المنتجات، نفقات الاستعمار، وشجعت الحكومة البرتغالية الاستجابة لمطالب هنري إلى المال ولاحظ جزر الآزور على خريطة إيطالية رسمت عام ١٣٥١، فأرسل جنزالو كابرال للبحث عنها. وتحقق مراده وبين عامي ١٤٣٢ - ٤٤، ضم الجواهر البحرية، الواحدة بعد الأخرى إلى التاج البرتغالي.

بيد أن أفريقيا هي التي استهوته أكثر من غيرها. ولقد أبحر البحارة القطلونيون والبرتغاليون، ما يقرب من تسعمائة ميل على طول الساحل الغربي إلى بوجا دور (١٣٤١ - ٤٦). ومع ذلك، فإن النتوء الكبير للقارة العظيمة الممتد غرباً في المحيط الأطلسي، قد ثبط همم البحارة في الكشف عن الجنوب، فانسحبوا إلى أوربا متعللين بحكايات عن المواطنين المفزعين، وعن بحر تشتد كثافة الملح فيه إلى حد لا تستطيع معه أن تشقه أي سفينة، وعن دلائل تؤكد أن كل مسيحي يجاوز بوجا دور ينقلب إلى زنجي. ولقد رجع القبطان جيليان إلى سامبرس بأعذار مشابهة عام ١٤٣٣، فأمره هنري أن يعيد الكرة، وطالبه أن يعود ببيان واضح عن الأراضي والبحار جنوبي الرأس المحرم. وأدى هذا التحريض بجيليان إلى أن يصل إلى مسافة تبعد مائة وخمسين ميلا عن بوجادرو (١٤٣٥) وأذهله ما رآه من وفرة النبات في المناطق الاستوائية، مناقضاً ما قاله أرسطو وبطليموس، من أن