كتاب قصة الحضارة

أسبانيا - ٩ - موت الملك - ج: 23 - ص: 109

من أجل فيليب الذي تمثلته الأراضي الواطئة ومن أجل جوانا التي تسرع الخطى نحو الاعتصام بالجنون. وكان أمل فرديناند أن يمنع سقوط العرش الأسباني في يد آل هبسبرج، في شخص شارل بن فيليب، فبادر وهو في الثالثة والخمسين إلى الزواج (١٥٠٥) من جرمين ده فوا، ابنة أخي لويس الثاني عشر، والبالغة من العمر سبعة عشر عاماً، ولكن الزواج ضاعف من سخط النبلاء القشتاليين على مولاهم الأرجواني. وماتت ثمرة هذا الزواج في سن الطفولة. فطالب فيليب بعرش قشتالة، ووصل إلى أسبانيا ورحب به النبلاء (١٥٠٦) بينما انسحب فرديناند إلى مقره باعتباره ملكاً على أرجون. وبعد ذلك بثلاثة أشهر مات فيليب، واستعاد فرديناند ملك قشتالة باسم ابنته المخبولة. وظلت جوانا لالوكا، ملكة من الناحية القانونية، وعاشت إلى عام ١٥٥٥، ولم تترك قصرها في تورديزبلاس إطلاقاً، بعد عام ١٥٠٧، وكانت تأبى الاغتسال أو ارتداء الثياب ولم تكل يوماً عن النظر من خلال إحدى النوافذ إلى المدافن التي تضم رفات الزوج الخائن الذي لم تنقطع عن محبته.

وحكم فرديناند حكماً مطلقاً وهو نائب ملك أكثر مما كان وهو ملك فقد تحرر من تأثير إيزابلا الملطف، وتحولت عناصر الصلابة والانتقام في شخصيته إلى التصلب الصارم. وكان قد استعاد قبل ذلك روسيلون وسردينيا (١٤٩٣) كما فتح جونز الو أمير قرطبة باسمه نابولي عام ١٥٠٣. ونقض ذلك معاهدة وقعها فيليب مع لويس الثاني عشر في ليون تقسم مملكة نابولي بين أسبانيا وفرنسا: وأكد فرديناند للعالم بأن فيليب تجاوز تعليماته. وأبحر إلى نابولي واستولى بشخصه على عرشها (١٥٠٦) وساوره الشك في رغبة جونزالو في العرش لنفسه! ولما عاد إلى أسبانيا (١٥٠٧) أخذ معه القبطان الكبير وأسلمه إلى عزلة عدها معظم أهالي أسبانيا إذلالاً لا يستحقه.