ومضت الثورة قدماً ففي اليوم الثاني والعشرين من سبتمبر عام ١٥٢١ ناول ميلانكتون القربان المقدس بكلا الطريقتين وهنا ظفر الأواكويستيون في بوهيميا بنصر جاءهم على مهل، وتوقفت تلاوة القداس في دير لوثر يوم ٢٣ أكتوبر وخرج ثلاثة عشر راهباً من الدير يوم ١٢ نوفمبر وتقدموا للزواج، وسرعان ما خلت نصف أديرة ألمانيا على إثر خروج مماثل. وفي الثالث من ديسمبر دخل بعض الطلبة وسكان المدينة وهم مسلحون بالمدى كنيسة الأبرشية في فيتنبرج وطردوا القساوسة من المذابح ورجموا بعض المصلين الذين كانوا يؤدون الصلاة أمام تمثال العذراء. وفي الرابع من ديسمبر هدم أربعون طالباً مذابح دير الفرنشيسكان في فيتنبرج وفي اليوم نفسه زار لوثر، وكان لا يزال متنكراً في زي نبيل ألماني شاب، المدينة خفية وأقر زواج الرهبان ولكنه حذر رجال الدين والعلمانيين من الالتجاء إلى العنف وقال:"إن الإكراه ليس حقاً مطلقاً للجميع ولكنه يجب أن تمارسه السلطات الشرعية"(٨٨). وفي اليوم التالي عاد إلى فارتبورج وبعد ذلك بقليل أرسل إلى سبالاتان لنشر كتاب:"تحذير" جاد لكل المسيحيين يحذرهم من العصيان والثورة فقد خشي إذا انتشرت الثورة الدينية بسرعة أو إذا أصبحت ثورة اجتماعية أن تنفر منها طبقة النبلاء وتقضي على نفسها، غير أن صفحاته الأولى ذاتها كانت موضع انتقاد لأنها كانت تحض على العنف.
"يخيل إليَّ أن المحتمل أن يكون هناك خطر من الثورة، وأن القساوسة والرهبان والأساقفة والطبقة الروحية بأسرها يمكن أن تتعرض للقتل أو الابعاد إلى المنفى ما لم يصلحوا من أنفسهم تماماً وبصورة حادة، ذلك لأن الرجل العادي كان يتذكر دائماً في فزع الضرر الذي حاق به في المال والجسد والروح وأصبح هدفاً للاستفزاز. لقد أمعنوا في اختباره إلى حد بعيد وحمّلوه ما لا طاقه له به بلا وازع من ضمير. ولم يكن في وسعه، هذا ولم يشأ، أن يتحمله بعد ذلك واستطاع أن يتعلل بحجة قوية لكي يضرب