لكنها أحط منزلة من الرجل؛ تقول أسطورة هندية: أن "تواشتري" المبدع الإلهي، حين أراد في البداية أن يخلق المرأة وجد أن مواد الخلق قد نفذت كلها في صياغة الرجل، ولم يبق لديه من العناصر الصلبة بقية، فإزاء هذه المشكلة طفق يصوغ المرأة من القصاصات والجذاذات التي تناثرت من عمليات الخلق السابقة، يختار قصاصة من هنا وجذاذة من هناك:
"فأخذ استدارة القمر، وتثنى الزواحف وتعلق المحلاق وارتعاش الكلأ ودقة قصبة الغاب وازدهار الزهور وخفة أوراق الشجر وانخراط خرطوم الفيل ونظرات الغزال وتجمع النخل وخلاياه، وبهجة أشعة الشمس المرحة وبكاء السحاب وتقلب الريح وجبن الأرنب وزهو الطاووس وطراوة صدر الببغاء، وصلابة جلمود الصخر، وحلاوة العسل، وقسوة النمر، ووهج النار الدافئ وبرودة الثلج وثرثرة أبي زريق، وهديل الحمام، ونفاق الكركي ووفاء الشكرافاكا، ومزج كل هذه العناصر مزجاً صنع منه المرأة ثم وهبها للرجل"(١٢٩) لكن على الرغم من هذه العدة كلها، لم يكن للمرأة في الهند ألا أسوأ الحظوظ؛ فمكانتها العالية التي بلغتها في العصور الفيدية، زالت عنها بتأثير نفوذ الكهنة وبفعل المثل الذي رسمه المسلمون؛ فترى الروح العامة في "تشريع مانو" موجهة ضدها في عبارات تذكرنا بمرحلة أولى من مراحل اللاهوت المسيحي: "إن مصدر العار هو المرأة، ومصدر العناء في الجهاد هو المرأة، ومصدر الوجود الدنيوي هو المرأة، وإذاً فإياك والمرأة "(١٣٠) وفي فقرة أخرى تقرأ: "إن المرأة لا تقتصر قدرتها على تضليل الأحمق عن جادة السبيل في هذه الحياة، بل هي كذلك قادرة على تضليل الحكيم؛ فهي تستطيع أن تمسك بزمامه وأن تخضعه لشهوته أو لغضبته"(١٣١) ولقد نص التشريع على أن المرأة طوال حياتها ينبغي أن تكون تحت إشراف الرجل، فأبوها أولاً وزوجها ثانياً وابنها ثالثاً (١٣٢)، وكانت الزوجة تخاطب زوجها في خشوع قائلة له:"يا مولاي" و "يا سيدي" بل "يا إلهي" وهي تمشي خلفه