للسادة الإقطاعيين فحررت وثائق جديدة أحيت من جديد هذه الالتزامات وكانت في بعض الحالات أكثر رفقاً بهم وفي أحيان أخرى أكثر تشدداً عما كانت عليه من قبل ومنحت امتيازات للفلاحين في النمسا وبادن وهس أما في المناطق الأخرى فقد اشتد أزر العبودية وقدر لها أن تستمر شرق الألب حتى القرن التاسع عشر. وأجهضت بوادر الديمقراطية وقمع الحركات الفكرية واشتدت الرقابة على النشر في عهد السلطات الكاثوليكية والبروتستانتية على السواء. وفقدت النزعة الإنسانية قوتها وأخلت لهجة عصر النهضة في الحياة والأدب الحب السبيل إلى اللاهوت والورع والتأمل في الموت.
واندثر الإصلاح الديني نفسه أو كاد يندثر في حرب الفلاحين. وعلى الرغم من المتنصلين من لوثر والتشهير به فغن الثورة تألقت بألوان وأفكار بروتستانتية: وكانت التطلعات الاقتصادية تغلف بعبارات أضفى عليها لوثر مسحة من القداسة ولم تكن الشيوعية إلا مجرد عودة إلى الإنجيل. وفسر شارل الخامس "الثورة" بأنها "حركة لوثرية"(٣٩) واعتبر المحافظون نزع البروتستانت ملكية رجال الدين بمثابة أعمال ثورية تقف على قدم المساواة مع نهب الفلاحين للأديرة. وفي الجنوب جدد الأمراء والسادة الذين استبد بهم الفزع ولاءهم للكنيسة الرومانية. وفي أماكن عديدة مثل بامبرج وفيرتسبورج اعدم رجال حتى من طبقة الملاّك لأنهم اعتنقوا اللوثرية (٤٠). وقلب الفلاحون أنفسهم ظهر المجن للإصلاح الديني وعدوه غواية وخيانة، وأطلق بعضهم على لوثر اسم "الدكتور ليجثر" أي "الدكتور الكذاب" و "المنافق صنيعة الأمراء"(٤١). وظل سنوات بعد الثورة لا يحظى بأي شعبية حتى انه قل ما كان يجرؤ على مغادرة فيتنبرج ولو كان هذا لكي يحضر وفاة والده على فراشه (١٥٣٠). وكتب يقول (١٥ يونيه عام ١٥٢٥)"لقد نسوا كل ما فعله الله للناس عن طريقي والآن ها هم السادة والقساوسة والفلاحون يتجمعون كلهم ضدي ويتوعدونني بالموت"(٤٢).