ولم يكن من شيمته أن يسلّم أو يعتذر. وفي يوم ٣٠ مايو عام ١٥٢٥ كتب إلى نيكولاس أمسد ورف يقول:"في رأيي أنه من الخير أن يُقتل الفلاحون جميعاً ولا يهلك الأمراء والحكام لأن أهل الريف امتشقوا السيف دون أن يعتصموا بسلطان إلهي"(٤٣). وفي يوليو عام ١٥٢٥ نشر "خطاباً مفتوحاً بشأن الكتاب الصعب ضد الفلاحين". وقال إن مَن ينتقدونه لا يستحقون الرد عليهم فقد كشفت انتقاداتهم أنهم ثائرون في قرارة نفوسهم مثل الفلاحين وأنهم لا يستحقون الرحمة، وقال:"ينبغي أن يأخذ الحكام بتلابيب هؤلاء الناس ويجبرونهم على إمساك ألسنتهم"(٤٤).
"دار بخلدهم أن هذا الرد صعب جداً وأن هذا تحريف للكلام ولا يقصد به غلا تكميم أفواه الناس فإني أجيب بأن هذا صحيح، إن أي ثائر لا يستحق عناء الرد عليه لأنه لن يتقبل الجدل. والرد على مثل هذا الفم هو لكمة تدمي الأنف، إن الفلاحين لن يصيخوا السمع، ففي آذانهم وقر ويجب أن تفتح بطلقات الرصاص حتى تقفز رؤوسهم من فوق أكتافهم. إن مثل هؤلاء التلاميذ في حاجة إلى تأديب بمثل هذه العصى. إن مَن لا يستمع إلى كلمة الله عندما ترتل برفق يجب أن يستمع إلى الجلاد عندما يأتي ومعه الفأس … أما عن الرحمة فأنا لن اسمع أو أعرف شيئاً ولكني سوف أهتم بإرادة الله التي تتضمنها كلمته … إذا شاء جل وعلا أن يصب عليك جام نقمته وأن يحجب عنك رحمته، فيما تفيدك الرحمة؟ ألم يأثم شاؤول بإبداء الرحمة لعماليق عندما فشل في تنفيذ غضب الله كما أمر؟ وأنتم يا مَن ترفعون عقيرتكم مطالبين بالرحمة وتمتدحونها مدحاً شديداً لماذا لم تنادوا بها عندما كان الفلاحون ساخطين، يقتلون ويسرقون ويحرقون وينهبون حتى أصبح الناس يفزعون لمرآهم أو عند سماع أخبارهم؟ لماذا لم يبدوا الرحمة للأمراء والسادة الذين أرادوا أن يقضوا عليهم قضاء مبرماً؟ ".
واستطرد لوثر يقول إن الرحمة واجبة على المسيحيين في شؤونهم الخاصة،