وإذا كان قد استطاع بقوة شكيمته أن يواجه إمبراطوراً في الحرب، فإن شجاعته قد انهارت بموت ابنته الأثيرة ماجدالينا، وهي في الرابعة عشرة من عمرها، وقال:"إن الرب لم يهب أسقفاً نعمة كبرى في ألف عام كما وهبها لي ممثلة فيها"(١٥). وكان يتلو الصلوات ليلاً ونهاراً، طالباً لها من الله الشفاء وقال:"رباه إني أحبها كثيراً، ولكن إذا شاءت إرادتك تعالى أن تأخذها، فإني أتخلى عنها لكم عن طيب خاطر"(١٦). وقال لها:"إبنتي الصغيرة العزيزة لينا، إنكِ تحبين أن تظلي هنا مع أبيكِ. أتريدين أن تذهبي إلى ذلك الأب الآخر؟ ". فأجابت لينا:"نعم يا أبتاه كما يشاء الله". وعندما قضت نحبها بكاها طويلاً بكاء مريراً، وبينما كانت توسد في الثرى، خاطبها قائلاً كما لو كانت حية ترزق:"أنتِ تحبين وسوف تنهضين وتشرقين كالنجوم والشمس. إنه لأمر غريب أن يعرف الإنسان إنها ترقد في سلام، وإن كل شيء على ما يرام، ومع ذلك يشعر بالأسى والحزن"(١٧).
ولم يقنع بستة أطفال فآوى في بيته كثير الغرف بالدير أحد عشر يتيماً من أولاد أخيه وأخته، ورباهم، وكثيراً ما جلس معهم إلى المائدة، وتجاذب معهم أطراف الحديث في غير ملل، وحزنت كاترين لاحتكارهم إياه. وأبدى بعضهم ملاحظات جريئة على حديثه معهم حول المائدة. وليس من شك في أن حصيلة ٦٥٩٦ تدوين لأحاديثه تضارع أحاديث جونسن لبوزويل، وأحاديث نابليون المدونة، في الوزن والذكاء اللماح والحكمة.
ويجب علينا عند الحكم على لوثر أن نتذكر أنه لم يعد سلفاً أحاديث المائدة هذه، وقل بين الرجال من تعرض تماماً إلى استراق السمع من البشر، فهنا لا في المجادلات التي كانت في ميدان المعركة اللاهوتية، نجد لوثر في بيته على سجيته. وندرك، أولاً وقبل كل شيء أنه كان إنساناً لا مجرد