للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كسير الفؤاد عام ١٥٢٣. واستمر خلفه كليمنت السابع في حث أرازموس على الانخراط في سلك المناهضين للوثر. وعندما خضع العالم أخيراً، لم يكن هجومه على لوثر بصفة شخصية، ولم يكن لديه اتهام عام للإصلاح الديني ولكنه ناقشه مناقشة موضوعية مهذبة بإرادة حرة ( De Libro arbitrio) - (١٥٢٤) . وسلم بأنه لم يستطيع أن يسبر غور لغز الحرية الأخلاقية، ولا أن يوفق بينها وبين علم الله بكل شيء وقدرته على كل شيء. ولكن ما من عالم بالإنسانيات يستطيع أن يتقبل العقائد، التي تقول بحتمية القدر ومذهب الجبر، دون تضحية بكرامة الإنسان أو الحياة البشرية وقيمتها: هنا فارق أساسي بين الإصلاح الديني والنهضة. وبدا واضحاً لأرازموس أن الإله الذي يعاقب على الخطايا التي ترتكبها مخلوقاته، ولا حيلة لهم في الامتناع عنها، وحش لا أخلاق له لا يستحق العبادة أو الثناء، ونسبة مثل هذا السلوك إلى الأب الذي في السماء" كفر فضيع. ووفق افتراضات لوثر يكون أسوأ المجرمين شهيداً بريئاً ذلك أن الرب قدر عليه الخطيئة، ثم حكم عليه المنتقم الجبار بالعذاب في نار جهنم خالداً فيها، فكيف يستطيع أي مؤمن بحتمية القدر أن يقدم أي مجهود خلاق، أو يعمل على تحسين أحوال البشر؟ وأقر أرازموس بأن اختيار الإنسان رهن بآلاف الظروف، التي لا يستطيع أن يتحكم فيها، ومع ذلك فإن شعور الإنسان يصر على أن يؤكد أن له بعض الحرية، وبدونها يكون آلة ذاتية الحركة لا معنى لها. وانتهى أرازموس إلى القول: على أية حال دعونا نسلم بجهلنا وبعجزنا في التوفيق بين حرية الإنسان في التمييز بين الصواب والخطأ، وبين سابق علم الله أو سبب وجوده في كل مكان. دعونا نؤجل الحل إلى يوم القيامة، ولكن في الوقت نفسه دعونا نتجنب كل فرض يجعل من الإنسان مجرد دمية، ومن الرب طاغية أقسى من أي طاغية عرف في التاريخ.

وأرسل كليمنت السابع مائتي فلورين (٥. ٠٠٠؟ دولار)، إلى أرازموس