للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتساءل هل اختار الفريق الأحسن، وانضم سراً إلى الأمراء البروتستانت، ووقع معهم معاهدة شامبورد (يناير ١٥٢٥)، وفيها وعد هنري الثاني ملك فرنسا بتقديم العون لطرد شارل من ألمانيا. وفي الوقت الذي غزا فيه هنري اللورين، واستولى على ميتز وتول وفردون، زحف موريس وحلفاؤه من البروتستانت جنوباً على رأس جيش قوامه ٣٠. ٠٠٠ رجل. وسرح شارل جنوده، دون أن يقدر العواقب، مستنداً إلى أكاليل الغار التي توجت رأسه في أنزبروك، ولم يكن أمامه وقتذاك ما يدافع به إلا الدبلوماسية. ولقد أثبت موريس تفوقه في هذه اللعبة التي تحتاج إلى الدهاء، واقترح فرديناند عقد هدنة، وأطال موريس المفاوضات مستخدماً كل ما أوتي من لباقة، وفي غضون ذلك أخذ يتقدم نحو أنزبروك. وفي يوم ٩ مايو انتقل شارل بصعوبة فوق محفة، يصحبه بضع نفر من أتباعه، تحت المطر والجليد، متسربلاً بظلام الليل. وعبر ممر برينر إلى فيلاخ في كازنثيا. وهكذا حولت ضربة واحدة من ضربات الحظ سيد أوربا إلى شريد، يعاني من آلام النقرس، ويرتجف في جبال الألب.

والتقى موريس والبروتستانت الظافرون يوم ٢٦ مايو بفرديناند وبعض زعماء الكاثوليك في باساو. ووافق شارل، بعد فترة شعر فيها بضآلة شأنه، على أن يوقع فرديناند معاهدة (٢٠ أغسطس ١٥٥٢) يطلق بموجبها صراع فيليب، وتنص على تسريح الجيوش البروتستانتية، وأن يتمتع البروتستانت والكاثوليك على السواء بحرية العبادة إلى أن يجتمع مجلس نيابي جديد، وإذا فشل هذا المجلس في الوصول إلى تسوية مقبولة، فإن حرية العبادة هذه تستمر إلى الأبد. وهي عبارة محببة في المعاهدات. وهكذا بدأ موريس بالخيانة، وارتفع إلى مصاف رجل السياسة المظفرين، وقدر له أن يموت وشيكاً (١٥٥٣) من أجل بلده بالغاً من العمر ثلاثين عاماً، في معركة وقعت بينه وبين ألبرخت السيبياديس، الذي كان قد حول نصف ألمانيا إلى منطقة تسودها فوضى خطيرة بالنسبة للجميع.