وعندما يئس شارل من الوصول إلى حل لمشكلاته في ألمانيا، تحول نحو الغرب ليجدد صراعه مع فرنسا. ورأس فرديناند، متذرعاً بالصبر، المجلس النيابي التاريخي في أوجسبورج (٥ فبراير - ٢٥ سبتمبر ١٥٥٥)، وهو المجلس الذي منح ألمانيا أخيراً سلاماً دام نصف قرن. ورأى أن المبدأ الإقليمي، الذي ينص على حرية الدوقات، كان قوياً إلى الحد الذي لا يسمح فيه بمثل هذه السيادة المركزية المطلقة، التي فاز بها الملوك في فرنسا، وكان النواب الكاثوليك يمثلون الأغلبية في المجلس النيابي، غير أن البروتستانت كانوا يفوقونهم في القوة العسكرية، فتشبثوا بكل مادة وردت في إقرار أوجسبورج عام ١٥٣٠، وتمسك الأمير المختار أوغسطوس، الذي خلف موريس في ساكسونيا، بوجهة نظر البروتستانت، وأدرك الكاثوليك أن عليهم أن يخضعوا، أو تتجدد الحرب، وحث شارل، وهو في خرف دبلوماسيته، الأمراء المختارين على تعيين ابنه فيليب خلفاً له في حمل اللقب الإمبراطوري. وخشي الكثالكة مطمع هذا الإسباني القاسي في حكمهم، ولما كان فرديناند يطمع في ارتقاء العرش نفسه فإن الأمل لم يراوده في أن يفوز به، دون أن يعاضده البروتستانت في المؤتمر الانتخابي.
وساعدت الأسلحة والظروف على رجحان كفة البروتستانت، فطالبوا بكل شيء: يجب أن يكونوا أحراراً في ممارسة عقيدتهم في كل أرجاء ألمانيا، وأن تحرم عبادة الكاثوليك في الأرض التي تسود فيها العقيدة اللوثرية، وأن تبقى صحيحة ولا تتعرض للإلغاء إجراءات تصفية أملاك الكنيسة في الحاضر والمستقبل على السواء (٥٨). وتوصل فرديناند وأوغسطوس إلى اتفاق أرضى الطرفين يتلخص في هذه الكلمات الأربع المشهورة Cuius regio eius religio، وهي تجسم الضعف الروحي الذي انتاب الأمة والعصر. ولتحقيق السلام بين الولايات وفي داخلها، يجب على كل أمير أن يختار بين الكاثوليكية الرومانية، وبين اللوثرية، وعلى كل رعاياه أن يقبلوا اعتناق دينه السائد في دولته، وكل مَن لا يحب أن