للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملكية أعلنت أن الملكة مذنبة. وفي يوم ١٣ نوفمبر سنة ١٥٤٢ قطع رأسها في نفس البقعة التي سقط فيها رأس آن بولين قبل ذلك بست سنوات، أما عشاقها فقد حكم عليهم بالسجن مدى الحياة.

وكان الملك وقتذاك رجلاً محطماً. وأعيت قرحته طب عصره، وكان الزهري الذي لم يشفَ منه تماماً ينتشر ويعيث فساداً في هيكله (٤٦). وبعد أن فقد لذة الحياة سمح لنفسه بأن يصبح كتلة ضخمة من اللحم، وكان خداه متهدلين ويكادان يغطيان فكيه، وكادت عيناه الضيقتان أن تختفيا في تلافيف وجهه. ولم يكن في وسعه أن يسير من غرفة إلى أخرى دون أن يستند إلى أحد. وأدرك أنه لن يعيش إلا بضع سنوات فأصدر (١٥٤٣) مرسوماً جديداً يحدد فيه وراثة عرشه: يتولاه أولاً إدوارد ثم ماري ثم اليزابث، ولم يذهب إلى أبعد من ذلك، لأن مَن تليهم في سلسلة النسب هي ماري ستيوارت ملكة أسكوتلندة. وقام بمحاولة لكي ينجب ولداً صحيحاً معافى، بعد أن حثه مجلسه مراراً فبنى بزوجة سادسة (١٢ يوليو سنة ١٥٤٣). وكانت كاثرين بار قد عاشت بعد وفاة زوجين سابقين، ومع ذلك فإن الملك لم يعد يصر على الزواج من عذارى. وكانت امرأة على حظ من الثقافة والفطنة، فقامت برعاية مريضها الملك في صبر، وصالحته مع ابنته اليزابث، التي طال إهماله لها، وحاولت أن تلطف لاهوته، وتخفف حماسته للاضطهاد.

ولم تنقطع المشاعل اللاهوتية حتى نهاية حكمه، فأحرق ستة وعشرون شخصاً بتهمة الهرطقة في الثماني السنوات الأخيرة من عهده. وفي عام ١٥٤٣ أبلغ الجواسيس الأسقف جاردنر أن هنري فيلمر قال: "إذا كان الرب موجوداً حقاً (في القربان المقدس) فإني أكون قد أكلت في حياتي عشرين رباً". وأن روبرت تسوود حذر القسيس عند رفع القربان المقدس، من أن يترك الرب يسقط، وأن أنتوني بيرسون وصف كل