على الرغم من الرسائل المهينة التي كانا قد تبادلاها على مدى عام، وأمر تيمور بفك أغلال السلطان وأجلسه إلى جانبه، وأكد له أنه سيبقى على حياته، واصدر تعليماته بأن تنصب ثلاث خيام فخمة لحاشيته، ولكن عندما حاول بايزيد الهرب، احتجز في غرفة ذات نوافذ مسدودة بالحواجز، وقد بالغت الأساطير فقالت إنها قفص من حديد. ومرض بايزيد، فدعا تيمورلنك أحسن الأطباء لمعالجته، وأرسل السيدة دسبوانا لتسهر على رعايته ومواساته، ولم تجد هذه المساعدات شيئاً لبعث القوى الحيوية في السلطان المحطم ومات بايزيد بعد عام من هزيمته.
وأعاد ابنه محمد الأول تنظيم حكومة العثمانيين وقوتهم، وعلى الرغم من أنه فقأ عيني أحد المطالبين بالعرش وقتل آخر، فإنه اكتسب لقب السيد المهذب، بفضل سلوكه الكيس اللطيف وحكمه العادل، وسنوات السلم العشر التي منحها للعالم المسيحي، وكان لمراد الثاني مثل هذه المشارب، فآثر الشعر على الحرب، ولكن، ولكن عندما نصبت القسطنطينية مزاحماً له ليخلعه، ونقضت المجر عهد السلم، أثبت مراد الثاني في وارنه (١٤٤٤) أنه قائد كأحسن ما يكون القواد. ثم عاد إلى مغنيسيا في آسيا الصغرى، حيث عقد مرتين في كل أسبوع اجتماعاً للشعراء والعلماء، وقرأ الشعر وتحدث في العلوم والفلسفة. واقتضت ثورة في أدرنه عودته إلى أوربا، فأخمدها، وقهر هونياد في قوصوه. وعندما مات في ١٤٥١، بعد أن قضى في الحكم ثلاثين عاماً، وضعه المؤرخون المسيحيون في مصاف أعظم حكام عصره. وقد أمر في وصيته بأن يدفن في بروسه في مصلى متواضع غير مسقوف، "حتى تنزل عليه رحمة الله وبركاته مع شروق الشمس والقمر، وسقوط المطر والندى على جدته"(٣٤).
وتساوى محمد الثاني مع أبيه في الثقافة والفتوحات والفطنة السياسية وطول الحكم، وليس في العدل ولا في النبل. فنقض المعاهدات الوثيقة،