الغربية أن تقضي على دولة الأتراك قضاء مبرماً، وتقتسم ممتلكاتها فيما بينها، باعتبارها غنائم من الكفار (١٥). وأحبط هذه الخطة انقسام ألمانيا في الحروب الدينية، وثورة الكوميونات (الوحدات الإدارية) الأسبانية ضد شارل الخامس، ونكوص فرانسوا الأول نفسه عن اقتراحه وتفكيره من جديد في التماس العون من سليمان ضد شارل. وربما كان لوثر قد أنقذ سليمان، كما كانت اللوثرية مدينة له بفضل كبير.
إن كل حكومة تكافح لتوسيع رقعتها، لتزيد من مواردها ودخولها من جهة، وإيجاد ارض حاجزة حامية بين حدودها وعاصمتها من جهة أخرى. وارتأى سليمان أن أحسن وسيلة الدفاع هي الهجوم، فاستولى على معاقل المجر في ساباكس وبلغراد، ولما شعر بالاطمئنان والأمن في الغرب، وجه قواته ضد رودس حيث احتفظ المسيحيون هناك تحت حكم فرسان القديس يوحنا، بقلعة منيعة تقع مباشرة على الطرق المؤدية من القسطنطينية إلى الإسكندرية وسوريا، وبدا لسليمان أن هذا معقل خطير أجنبي في بحر هو بدون هذا المعقل بحر تركي، والحق أن سفن القرصنة عند الفرسان انقضت على تجارة المسلمين في أحد طرفي البحر المتوسط (١٦)، كما انقض قراصنة المسلمين على تجارة المسيحيين في الطرف الآخر. وكان مصير المسلمين الذبح إذا أسرهم الفرسان في حملاتهم (١٧). كما اعترض الفرسان طريق السفن التي تنقل الحجاج إلى مكة، إذا ساورهم الشك في أن لها أغراضاً عدائية. ويقول مؤرخ مسيحي:"على أي الأحوال لم يكن سليمان بحاجة إلى ما يبرر الهجوم على رودس"(١٨): ويضيف مؤرخ إنجليزي مشهور إلى هذا قوله: "كان من مصلحة النظام العام أن تضم الجزيرة إلى مملكة الأتراك"(١٩).
وشن سليمان هجومه ومعه ثلاثمائة سفينة وثلاثمائة ألف رجل. واستمر المدافعون عن الجزيرة بقيادة رئيسهم الأكبر العجوز فيليب دي فيليرز دى ليل- آدم ( Phiiuppe de Villers de Lile-Adam) ، يقاتلون محاصريهم